بدأت تتكشف مفاعيل الزيارة الأخيرة إلى بيروت لأمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، وأول الغيث الخطاب التحريضي والتخويني لأمين عام “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، والذي استبق معه الزيارة المرتقبة خلال أيام للموفد الأميركي توم براك، ترافقه نائبة مسؤول الشؤون الأميركية الخاصة بالشرق الأوسط مورغان أورتاغوس.
وبين الزيارتين، أعلنها قاسم بكل صراحة وبوضوح تام: “حزب الله” لن يسلّم السلاح، ولن يلتزم بالورقة الأميركية، وكالعادة، لن ينصاع لمقررات الدولة لأنه أصلًا لا يعترف بوجودها في قاموسه.
خوّن الحكومة واتهمها بـ “خدمة المشروع الإسرائيلي”، لوّح بالفتنة والحرب الأهلية، وتوعّد بـ “المواجهة إذا فرضت علينا” وبـ “معركة كربلائية إذا لزم الأمر”، كما قال “ألا حياة للبنان إذا مضت الحكومة في خطتها لحصر السلاح بيد الدولة”.
مواقف قاسم التصعيدية، أثارت عاصفة من الردود عالية السقف، من رؤساء ورؤساء حكومات سابقين، وعدد كبير من الوزراء والنواب، حتى أنّ البعض ذهب إلى حدّ التلويح برفع دعوى قضائية بحقه، على اعتبار أن تصريحاته تهدّد السلم الأهلي وتعرّض استقرار البلد للخطر.
ولكن الردّ الرسمي الأعلى جاءه من رئيس الحكومة نواف سلام، الذي، وبكل هدوء ورصانة، رفض في مقابلة مع رئيس تحرير صحيفة “الشرق الأوسط” غسان شربل “التهديد المبطن أو المباشر بالحرب الأهلية”، معتبرًا أن هذا الأمر حرام.
وفي وجه اتهامات التخوين، دافع سلام عن حكومته قائلاً إنها لبنانية ووطنية ولا تخضع للإملاءات بل لمطالب اللبنانيين، وجدّد الالتزام والتمسّك بتطبيق خطة حصر السلاح لأن ذلك من واجب الدولة التي يجب أن يكون فيها جيش واحد وقرار واحد، وتكون هي صاحبة قرار الحرب والسلم.
مصدر سياسي متابع قال لـ “نداء الوطن” إنّ خطاب قاسم عالي النبرة يترجم، بدون أي شك، الغضب الإيراني من المواقف اللبنانية الرسمية الصارمة التي اصطدم بها لاريجاني في زيارته الأخيرة إلى بيروت، مشيرًا إلى أنّ سلام، أثبت في ردّه الحاسم والحازم، مرة جديدة أنّه رجل دولة بامتياز، لا يعرف لغة الشارع ولا يتراجع أمام التهديد والوعيد، وأنّه يضع مصلحة لبنان فوق كلّ اعتبار، وحريص على تجنيبه ويلات الحرب والعقوبات.
وتابع المصدر، أنّ العهد والحكومة ماضيان في خطة حصر السلاح، بدعم من الغالبية الكبرى من اللبنانيين، إضافة إلى مساندة عربية وغربية واسعة، في حين أنّ “حزب الله” لم يعد بإمكانه تكرار سيناريوات الماضي، فهو بات أكثر ضعفًا بعدما خسر دعم الكثير من حلفائه، وفقد خصوصًا الغطاء المسيحي الذي كان يحتمي به.
كاتس يهدّد… وغارات جنوبًا
أمنيًا، شنّ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات مساء الجمعة، على مواقع عدة في جنوب لبنان، معلنًا أنّه استهدف بنية تحتية عسكرية لـ “حزب الله”، في منطقة تلة الشقيف.
تزامنًا، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس “أوجه رسالة مباشرة للرئيس اللبناني جوزاف عون: نعتبرك والحكومة اللبنانية المسؤول المباشر عن الحفاظ على سيادة لبنان وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار. لن نعود إلى واقع السابع من تشرين الأول، وسنواصل العمل بقوة ضد أي انتهاك”.
هيكل في وادي زبقين
جنوبًا أيضًا، وفيما تتواصل التحقيقات بشأن انفجار مخزن الأسلحة والذخائر في وادي زبقين، تفقد قائد الجيش العماد رودولف هيكل الموقع في صور، وعاين آثار الحادثة، قبل الانتقال إلى قيادة لواء المشاة الخامس في البياضة، حيث قدم التعازي بالعسكريين الشهداء من عداد اللواء، وأكد أنه “لا خيار أمام الجيش سوى الاستمرار في أداء واجبه في ظل الاعتداءات المتكررة من جانب العدو الإسرائيلي، لأن صون الوطن مهمة مقدسة تهون في سبيلها التضحيات” .
بعدها قدم العماد هيكل التعازي لعائلات العسكريين الشهداء في دبعال – صور والبيسارية – صيدا، والشويفات – العمروسية، مثمنًا تضحياتهم واندفاعهم في أداء الواجب، ولافتًا إلى أن قيادة الجيش ستبقى وفية لهم ولعائلاتهم.
في الغضون، شارك رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون واللبنانية الأولى السيدة نعمت عون، في قداس ترأسه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في دير مار أشعيا – المتن، لمناسبة اليوبيل الـ 325 للرهبانية الأنطونية المارونية.
وفي عظته، توجّه البطريرك الراعي إلى الرئيس عون بالقول: “وجودكم على رأس المصلين دليل على إيمانكم وصلاتكم من اجل لبنان في هذا الظرف الدقيق للغاية ومن اجل إخراجه من المحنة التي تعيشونها مع معاونيكم في الحكم ومع الشعب اللبناني كافة، وإنا نصلي معكم من اجل احلال سلام دائم وعادل على الارض اللبنانية بكاملها وبدء خطة اعادة الإعمار”. وتابع “نصلّي كي يجعلنا الله ارادة وطنية صادقة، وجهداً مستمراً للخروج من عقلية المحاصصة والتعطيل والانغلاق، نحو فكر وطني جامع، يبني ولا يهدم، يوحّد ولا يفرّق”.