تبقى الأنظار السياسية متجهة نحو حارة حريك، لمعرفة مدى استعدادها للتجاوب واستكمال بند حصرية السلاح وسحبه من شمال نهر الليطاني، فيما يواصل نواب ومسؤولو الحزب تكرار الأسطوانة عينها: “لن نتخلى عن السلاح وعن دورنا في المقاومة”، ما أدى إلى تجميد الحوار بين بعبدا والحزب وإلى خلق توتر كبير مع السراي
لا شيء يوحي بالإيجابية في إمكانية تخطي التصعيد العسكري بين إسرائيل وحزب الله، الذي يواصل إسقاط الوساطات العربية والغربية، وآخرها باريس والقاهرة بشكل خاص التي قدّم رئيس حكومتها مصطفى مدبولي الدعم المصري الكامل للبنان، مع القيام بالوساطة لانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس، ومواصلة التفاوض لتجنيب لبنان الحرب الكبرى أو على الأقل تأخيرها، مع تحذيره بأنّ الوضع خطير من خلال رسائل بضرورة أن تلتزم الدولة اللبنانية بالقرارات الدولية، أولها حصرية السلاح في يدها، وسحب سلاح حزب الله من جنوب الليطاني قبل نهاية الشهر الجاري، وبأنّ مسار الوساطة قائم مع عواصم القرار وخصوصاً واشنطن، لمنع أي تطور عسكري ضد لبنان، وشدّد على ضرورة أن تلاقي حارة حريك الطرح المصري بإيجابية، لكنه تلقى ردّاً سلبياً من حزب الله، والأمر عينه طال المبادرات الفرنسية التي توالت من دون أن تلقى جواباً إيجابياً من الحزب، إذ كان الردّ دائماً مشابهاً لكل المبادرات، التي أعطت جانباً مريحاً تداخلت فيه الدبلوماسية مع تأجيل توقيت تسليم السلاح، لكنه رفضها بهدف وضع سلاحه في خدمة إيران، وتحسين شروطها في المفاوضات وتأمين مصالحها الخاصة، من دون أن يستشعر لغاية اليوم أنه لعبة وورقة في أيديها.
سحب السلاح من كل لبنان
وسط هذه الصورة الحالكة والواقعية، تبرز الخلافات داخل لجنة الميكانيزم والتي ظهرت إلى العلن خلال اجتماعها الأخير، وهذا ما نقله رئيس لجنة التفاوض السفير السابق سيمون كرم لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، الذي أعلن أنّ المرحلة الثانية من حصر السلاح ستبدأ قريباً، استناداً إلى الخطة التي أعدّها الجيش اللبناني بناءً على تكليف من الحكومة، وستكون بين ضفتي نهر الليطاني جنوباً ونهر الأولي شمالاً، فيما ستكون المرحلة الثالثة في بيروت وجبل لبنان، ثم الرابعة في البقاع وبعدها في بقية المناطق. وأشار إلى أنّ ما قام به الجيش اللبناني أدى إلى بسط سلطة الدولة على المنطقة الممتدة من جنوب الليطاني وصولاً إلى الحدود الجنوبية، ما عدا النقاط التي يتواجد فيها الجيش الإسرائيلي، التي يجب أن ينسحبَ منها في أقرب وقت، على أن يعلن كل ذلك مع الخطة الجديدة بعد انتهاء عطلة الأعياد خلال جلسة لمجلس الوزراء، أي التحضير للمرحلة الثانية من نزع السلاح.
الأسطوانة اليومية: “لن نتخلى عن دورنا في المقاومة”!
إلى ذلك تبقى الأنظار السياسية متجهة نحو حارة حريك، لمعرفة مدى استعدادها للتجاوب واستكمال بند حصرية السلاح وسحبه من شمال نهر الليطاني، فيما يواصل نواب ومسؤولو الحزب تكرار الأسطوانة عينها: “لن نتخلى عن السلاح وعن دورنا في المقاومة”، انطلاقاً من موقف الأمين العام للحزب نعيم قاسم الذي يرفع سقف خطابه، مع توجيه الاتهامات للدولة بارتكابها الأخطاء بسبب موافقتها على حصرية السلاح، متناسياً أنه أيّد البيان الوزاري وشارك في الحكومة، فيما تكرار هذا الموقف السلبي أدى إلى تجميد الحوار بين بعبدا والحزب وإلى خلق توتر كبير مع السراي.
العميد جورج نادر: المواجهة إما مع الدولة وإما مع إسرائيل
للإضاءة على ملف سحب السلاح من شمال الليطاني، ومدى تنفيذه ضمن المرحلة الثانية من خطة الجيش، يوضح العميد المتقاعد جورج نادر لـ”هنا لبنان” انّ هذه المهمة ستنفذ بالتأكيد خصوصاً أنّ شمال الليطاني يحوي سلاحاً أكثر بكثير من جنوبه، والقرار 1701 ينص بشكل واضح على سحب السلاح من كل لبنان، وتفكيك البنية التحتية من كل الجماعات المسلحة، وقال: “لننتظر ما سوف يعرضه قائد الجيش من خطة خلال جلسة مجلس الوزراء المقبلة، ومن المفترض أن تعطي الحكومة الأمر لنزع السلاح من شمال الليطاني، وبأن تحصل على جدول زمني جغرافي على سبيل المثال: من الليطاني إلى الأوّلي تحتاج إلى ثلاثة أشهر للتنفيذ، ضمن منطقة الضاحية الجنوبية خمسة أشهر وفي البقاع ستة أشهر، أي ضمن المناطق التي يتواجد فيها حزب الله، وفي حال لم يحصل ذلك فهذا يعني أننا سائرون نحو المشكلة الأكبر لأنّ الإسرائيلي “ينتظرنا على الكوع “، أي في حال لم تحصل المواجهة بين الحزب والدولة اللبنانية، فسوف تحصل بالتأكيد مع إسرائيل ووفق شروطها”.
خطة نتنياهو بتقسيم الجنوب إلى ثلاث مناطق
وأشار العميد نادر إلى أنّ بنيامين نتنياهو لديه خطة لتقسيم الجنوب إلى ثلاث مناطق، والإبقاء على النقاط الخمس، مما يعني أن لا ثقة بالدولة اللبنانية وقدرتها على نزع السلاح من شمال الليطاني، وهذه الخطة ستبحث بين ترامب ونتنياهو في التاسع والعشرين من الشهر، للموافقة عليها والبدء بالعمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب وشمال الليطاني وفي كل لبنان، وفرض المنطقة العازلة والمنطقة الاقتصادية التي طرحها ترامب، مما يعني أنه في الحالتين هناك مواجهة، وكل هذا يتعلق بمدى إصرار حزب الله على عدم تسليم سلاحه والبقاء على موقفه المتعنّت، أو حصول تقدّم في المفاوضات.
الحرب على لبنان وشيكة وقريبة
وعن مدى قراءته لنجاح التفاوض أو حصول الحرب، ختم العميد نادر: “للأسف أرى أنّ الحرب مقبلة لأنّ الوقائع تشير إلى ذلك من دون تحديد توقيتها، إذ لا صحة لما يقوله البعض أنها ستشنّ على لبنان مطلع العام”، نافياً ما أفاد به بعض المسؤولين عن وجود وساطة أميركية لتأجيل التصعيد العسكري إلى مطلع الربيع، لأنّ هذه المهمة قام بها الطرف الفرنسي فرفضها الأميركيون، لأنهم لا يريدون أن يكون لفرنسا أي دور في هذا الإطار.
هل يفتح شمال الليطاني المواجهة بين الدولة و”الحزب” وسط تجميد الحوار مع بعبدا والتوتر مع السراي؟ .







