تتّجه الأنظار إلى المحادثات التي سيُجريها الرئيس دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نهاية الشهر الجاري وسط معلومات أنّ لبنان بند أساسي في هذه المحادثات من ضمن الملف الإيراني وليس بمعزل عنه. فهل يفوز لبنان بفكّ ارتباطه بالملف الإيراني؟ أم أنّه سيلقى نفس مصير ارتباطه بحرب غزة والتي ما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن؟
يجتاز لبنان في الأسابيع المقبلة أهم اختبار يمثّل جسراً للعبور، إمّا في اتّجاه استقرار يحقّق من خلاله لبنان حصر السلاح كي يُبنى عليه سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وإمّا في اتّجاه اضطراب يقود إلى ربط لبنان بحرب مقبلة ضدّ إيران، كما كانت الحال عندما جرى ربط لبنان بـ”حرب الطوفان” في غزة. وتتّجه الأنظار إلى المحادثات التي سيُجريها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نهاية الشهر الجاري وسط معلومات أنّ لبنان بند أساسي في هذه المحادثات من ضمن الملف الإيراني وليس بمعزل عنه. فهل يفوز لبنان بفكّ ارتباطه بالملف الإيراني؟ أم أنّه سيلقى نفس مصير ارتباطه بحرب غزة عام 2023، والتي ما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن؟
تجيب “نيويورك تايمز” على على هذين السؤالين في تقرير نشرته السبت الماضي وحمل عنوان “حزب الله” سقط، لكنه لم ينتهِ، بينما يواجه لبنان ضغوطاً لنزع سلاحه”. وقالت إنّ الحزب قاوم الدعوات للتخلي عن كل أسلحته، مخاطراً بعودة الحرب مع إسرائيل. ونوّهت الصحيفة عند إعلان رئيس الحكومة نوّاف سلام، قبل يومين عن إنّ الحكومة “على بعد أيام” من إنهاء عملية نزع السلاح جنوب نهر الليطاني، الذي لطالما اعتبر خطًّا فاصلًا رئيسيًّا في لبنان، ثم ستوجّه انتباهها إلى بقية البلاد.
في المقابل، أحبطت وتيرة نزع السلاح المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين. وعلى الرغم من الهدنة، فإنّ الجيش الإسرائيلي يقصف ما يقول إنه أهداف لـ”حزب الله” بشكل شبه يومي. وعلى الرغم من أنّ “حزب الله” يقول إنه سحب مقاتليه المسلحين من المنطقة القريبة من الحدود الإسرائيلية، وفقد الكثير من ترسانته خلال الحرب، يقول مسؤولون إسرائيليون وأميركيون إنّ التنظيم يحاول إعادة البناء. وهذا يثير احتمال تجدد هجوم إسرائيلي.
قال مسؤولون أميركيون إنهم يريدون من الحكومة اللبنانية نزع سلاح “حزب الله” بحلول نهاية العام، “لكن ليس من الواضح ما إذا كان بإمكانها ذلك” كما ذكرت النيويورك تايمز .
لكن محللين لبنانيين يقولون إنّ التحرّك بسرعة كبيرة دون تنازلات من إسرائيل -بما في ذلك إنهاء هجماتهم والانسحاب من الأراضي اللبنانية – يشكّل أيضاً مخاطر داخلية على لبنان. وتعتمد إمكانية عودة الحرب جزئياً على مدى إعادة تسليح “حزب الله” وإعادة تنظيمه منذ نهاية الحرب.
تسعى الحكومة اللبنانية إلى إظهار أن جهودها لنزع سلاح “حزب الله” أثبتت فعاليتها. وخلال اجتماعات الميكانيزم بوساطة أميركية مع مسؤولين إسرائيليين في الشهر الجاري ، عرض ضباط عسكريون لبنانيون فيديو لقواتهم وهي تداهم مواقع أسلحة، وفقا لمسؤول في الأمم المتحدة.
قال المسؤول الدولي وأحد المسؤولين الإسرائيليين أيضاً إنّ إسرائيل شاركت بعض المعلومات الاستخباراتية مع الجيش اللبناني للمساعدة في تحديد المباني التي يمتلك فيها “حزب الله” مخابئ أسلحة.
هذا النوع من التعاون نادر، لكن بينما لا يزال لبنان وإسرائيل يحملان عدم الثقة العميقة في بعضهما البعض، قالت لينا خطيب، الباحثة الزائرة في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، إن ذلك يقلل من احتمال وقوع هجوم إسرائيلي أوسع، ما يجعل الحكومة اللبنانية تبدو ضعيفة. ورأت أنّ الحكومة اللبنانية “هي في الواقع أفضل خيار لإسرائيل في الوقت الحالي لنزع سلاح “حزب الله”. لذا، لن يكون من المنطقي أن تضرب إسرائيل على نطاق واسع وتقوض مصداقيتها”.
في موازاة ذلك، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أمس، أنّ الدولة العبرية “قلقة من قدرة طهران على إعادة بناء البرنامج النووي، لكنها كانت قلقة بشكل أساسي من احتمال زيادة إنتاج الصواريخ الباليستية إلى نحو 3,000 صاروخ سنويا”، وفقاً لشبكة NBC . لذا، سيقدم نتنياهو خططاً لهجوم محتمل جديد على إيران إلى الرئيس الأميركي خلال زيارته القادمة إلى واشنطن.
بين ملف لبنان وملف إيران، أجرى مسؤولون فرنسيون وسعوديون وأميركيون محادثات مع قائد الجيش العماد رودولف هيكل الخميس الماضي في باريس بهدف وضع خريطة طريق لتمكين آلية لنزع سلاح “حزب الله”، حسبما قال دبلوماسيون.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال كونفافرو، بعد الاجتماع، إنّ المحادثات ركزت على توثيق جهود الجيش اللبناني لنزع سلاح “حزب الله” بشكل جدي مع الأدلة بالإضافة إلى تعزيز آلية وقف إطلاق النار القائمة.
ومع تزايد الخوف من انهيار وقف إطلاق النار، سعى اجتماع باريس إلى خلق ظروف أكثر صلابة لتحديد ودعم والتحقق من عملية نزع السلاح وردع إسرائيل عن التصعيد، حسبما قال أربعة دبلوماسيين ومسؤولين أوروبيين ولبنانيين لرويترز.
وقال مسؤول رفيع شريطة عدم الكشف عن هويته: “الوضع شديد الحرج، مليء بالتناقضات، ولن يتطلب الأمر الكثير لإشعال برميل البارود. ولا يريد رئيس الجمهورية جوزاف عون أن يجعل عملية نزع السلاح علنية جداً لأنه يخشى أن تثير توترات مع السكان في جنوب البلاد”. واتفقت الأطراف على عقد مؤتمر في شباط لتعزيز الجيش، حسبما قال كونفافرو.
وتعتبر أوساط قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ دقة المرحلة تستدعي تراجع “حزب الله” عن تشدّده حيال مسعى الدولة لفرض سلطتها وحصر السلاح في كل لبنان. إلّا أنّ الحزب لا يبدو حتى الآن في وارد تغيير سياسته القائمة على أنّ المقاومة التي يمثّلها باقية مع سلاحها باستثناء منطقة جنوب الليطاني. وفي هذا الصدد قال أمس رئيس “تكتل بعلبك الهرمل” النائب حسين الحاج حسن، أن “العدو الصهيوني يمارس ضغطاً أمنياً وعسكرياً وسياسياً للقضاء على المقاومة وسلاحها، ونحن نقول له بأنّ المقاومة باقية وجاهزة للدفاع عن لبنان ومصالحه”. واعتبر أنّ “أولوية لبنان مقاومة وشعباً وجيشاً هي: وقف العدوان، انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من أرضنا، إطلاق الأسرى، إعادة الإعمار، ومناقشة إستراتيجية دفاع وطنية”.
كيف يمكن الخروج من هذه الدوامة التي ترهن مستقبل لبنان بملف سلاح “حزب الله”؟ سيأتي الجواب من واشنطن التي ستكون لها الكلمة النهائية ليس في ملف لبنان وإنما في ملف إيران. لذا، يجب عدم استبعاد احتمال دمج الملفيّن بما في ذلك، ربط الضاحية بطهران أمنياً.
طريق الحرب على طهران تمرّ بالضاحية .






