تلقت إيران وأذرعها ضربات عنيفة خلال العامين الماضيين، ففي سوريا سقط نظام بشار الأسد، وفي لبنان تلقى حزب الله ضربات موجعة خلال الحملة الإسرائيلية عام 2024.
كانت معلومات خاصة بقناتي العربية والحدث أكدت منذ أسابيع أن إيران عادت، وبنشاط، إلى بناء برنامجها الصاروخي، وما يشغل بال دوائر الأمن والاستخبارات الأميركية، هو إصرار إيران على التسلّح وتسليح الأذرع في منطقة الشرق الأوسط.
تصنيع وتهريب
مسؤول أميركي تحدّث إلى العربية والحدث عاد وأكد “أن إيران تستعمل كل الطرق الممكنة لديها لإرسال هذه الأسلحة إلى الأذرع، أي أنها تلجأ إلى الطريق البرّي وإلى المرافئ والسواحل البحرية، وهذا ما فعله الإيرانيون منذ سنوات”. وأضاف: “تقديراتنا أن إيران تعتبر أن تسليح الأذرع والميليشيات من أولوياتها”.
لا يريد الأميركيون التحدّث بالتفصيل عن المعلومات الاستخبارية المتوفّرة لديهم، لكن المسؤولين الرسميين والمصادر التي تحدثت إليها العربية والحدث في العاصمة الأميركية تشير إلى أن إيران تعمد لإرسال الأسلحة إلى عناصر من الميليشيات التابعة لها في العراق، بما في ذلك مهرّبون يعملون عبر إقليم كردستان.
يطرح هذا التهريب تحديات خاصة على الأميركيين، لأن مسافة طويلة من الحدود العراقية مع سوريا مقطوع في منطقة التنف، لكن الميليشيات الموالية لإيران والمهرّبين يسرّبون السلاح الإيراني إلى منطقة شمال شرقي سوريا، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على المنطقة، وتنتشر إلى جانب عدد من القوات الأميركية.
يتّهم بعض المتحدّثين “قسد” بأنها تحتفظ بعلاقات مع عناصر من النظام السابق ومع إيران والميليشيات الموالية لها، وتقول مصادر العربية والحدث في العاصمة الأميركية إن “قسد” أو مهرّبين يعملون في مناطق سيطرتها، يقومون بهذه العمليات للاستفادة المادية، وفي بعض الأحيان لأسباب سياسية، فالأكراد المنتشرين في منطقة شمال شرقي سوريا، يشعرون بأنهم محاصرون من تركيا في الشمال، والحكومة السورية الجديدة تريد السيطرة على مناطقهم وضمهم إلى الجيش السوري، وهم يعتبرون أن الأمر سيتسبب بخسارة “استقلاليتهم”.
حزب الله ناشط عبر الحدود
يؤكّد المهتمّون بنشاط حزب الله أن عناصر التنظيم، والذين تمتّعوا بشبكات واسعة في سوريا خلال العقود الماضية، تمكّنوا خلال السنة الماضية من الإبقاء على جزء جيّد من نشاطهم، وهم يستغلون طرقاً مختلفة على الأراضي السورية لتلقي السلاح من إيران.
تشير تقديرات الأميركيين إلى أن ما يسهم في إبقاء طرق التهريب مفتوحة، هو أن الدولة السورية الجديدة لا تملك بعد قدرات واضحة للسيطرة على كامل أراضيها، وأن بنية السيطرة والقيادة ما زالت ضعيفة، وربما تحتاج إلى سنوات لكي تكتمل، وتتمكّن الدولة السورية الجديدة من ضبط حدودها ومنع التهريب عبر أراضيها.
أما بالنسبة للحدود اللبنانية السورية، فعليها عشرات الطرق التي يستغلّها حزب الله للتحرّك.
تقول مصادر أمنية لبنانية إن حزب الله يتمكّن من تهريب أسلحة وذخائر عبر الحدود مع سوريا، وأن الطريق الأساسي لإعادة تسليح حزب الله ما زال الأراضي السورية، والجيش اللبناني منشغل إلى حدّ كبير في ضبط الأوضاع جنوب للبنان، فيما تقف قوات الأمن اللبنانية شبه عاجزة عن إقفال المسارب الحدودية مع سوريا.
تؤكّد مصادر أمنية أميركية لدى التحدّث إلى العربية والحدث أن إيران تستعمل أيضاً المرافئ اللبنانية، وأن السلطات اللبنانية تحتاج إلى وقت وإرادة كبيرة لمنع إيران وحزب الله من استعمال المرافئ الكبيرة والصغيرة على الشواطئ اللبنانية.
مسؤول أميركي أكد لدى التحدّث إلى العربية والحدث “أن الولايات المتحدة تعمل على ردع إيران من تهريب السلاح إلى الميليشيات الموالية لها في المنطقة، كما تعمل السلطات الأميركية على العمل مع كل الأطراف مثل الجيش اللبناني والحكومة السورية وحتى مع حكومات أخرى في المنطقة مثل الأردن والعراق لحماية الحدود”.
مسوّدة اتفاق جديد مع العراق
أشارت مصادر دبلوماسية في العاصمة الأميركية إلى أن الإدارة الأميركية أرسلت مبعوثين من قبلها إلى بغداد منذ أسابيع، ومعهم نسخة عن اتفاق أمني عسكري، وعرضوه على الحكومة العراقية، وكانت بعض بنود الاتفاق تتعلّق بالتعاون على ضمان الأمن والاستقرار، بما في ذلك أمن الحدود.
المتحدّثون الرسميون الأميركيون لم ينفوا هذه المعلومات، لكنهم لم يقبلوا الإفصاح عن التفاصيل لأن الاتفاق ما زال موضوع تفاوض، فيما أكدت مصادر الحكومة العراقية لقناتي العربية والحدث أن زيارة الوفد الأميركي جاءت في وقت قريب جداً من الانتخابات، وفضّل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ترك المسألة إلى حين تشكيل حكومة عراقية جديدة تتحمّل مسؤولية هذا الاتفاق.
ربما يكون أحد أسباب رفض العراقيين توقيع الاتفاق هو أن الوفد الأميركي جاء في زيارة لم يتمّ التمهيد لها بشكل كافٍ، وأن بنود الاتفاق تتطلب من أية حكومة عراقية التزامات عسكرية وأمنية ثنائية كثيرة.
لكن الأميركيين يعرفون الآن أن الأمن والاستقرار في المنطقة ينعكس على أمن الاميركيين والأراضي الأميركية، وأن إيران تفعل الكثير للتسبب بالاضطراب في هذه المنطقة ويجب الوصول إلى حلول لمشكلة تهريب السلاح الإيراني إلى الميليشيات.
مسؤول أميركي: نعمل على ردع تهريب السلاح الإيراني للمنطقة .








