مات نصرالله… عاش قاسم!

يساعد اثنان من كبار شخصيات “الحزب” نعيم قاسم في إدارة المنظمة: الأول، هو وفيق صفا، عضو قديم ومتزوّج من أخت نصر الله. يدّعي مسؤولو الاستخبارات الأميركية أن صفا كان متورّطًا في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في شباط 2005، وفرضت الحكومة الأميركية عقوبات شديدة عليه. والثاني، عضو البرلمان اللبناني محمد رعد، المعروف بالإرهابي وكشخص يقدّم الدعم لمن ينفّذ الهجمات في لبنان.

مرّ على غياب السيد نصر الله أكثر من عام. وتسلّم خلفه الشيخ نعيم قاسم الأمانة العامة لـ”حزب الله”. لكن طوال هذه الفترة، بقي نصر الله بقوة في المشهد اللبناني نتيجة تمسّك أنصاره في الحزب بحضوره. غير أنّ الصورة في طهران كانت مختلفة جذريًا. وعمل جماعة المرشد علي خامنئي طوال المرحلة التي تلت غياب نصر الله على تثبيت زعامة قاسم الذي صار هتاف “لبيك يا قاسم” يتردّد بقوةٍ في مناسبات الحزب، ولا هتاف آخر يعلو عليه.

قدّمت طهران أخيرًا، أكثر من دليل على حقيقة الزعامة الفعلية الراهنة في “حزب الله”. كما قدّمت إسرائيل أيضًا روايةً سردت تفاصيل لم تعلن من قبل حول نيل قاسم درع التثبيت الإيراني.

أطلّ السبت الماضي مُجتبى أماني، سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، بحديث مطوّل هو الأول من نوعه من حيث التفاصيل حول انتقال “حزب الله” من زمن نصر الله إلى زمن قاسم. واختار أماني مناسبة اغتيال رئيس الأركان في الحزب هيثم الطبطبائي في نهاية الأسبوع ما قبل الماضي في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت. ومضى السفير الإيراني إلى تفسير ما ذهب إليه الأمين العام الحالي لـ “حزب الله” في كلمته الجمعة الماضي حول الردّ الذي قرّره الحزب انتقامًا لمقتل الطبطبائي. وانطوى هذا التفسير على أنّ “حزب الله” بقرار إيراني يستعد للانتقال من مرحلة عدم مواجهة إسرائيل كما فعل ولا يزال منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، إلى مرحلة المواجهة التي لم يتحدّد بعد شكلها أو مضمونها.

يشار هنا إلى أن وسائل الإعلام الدولية والإسرائيلية أوْلت اهتمامًا للعبارة التي وردت في كلمة قاسم الأخيرة وفيها: “أنا كتبت العبارة التي سأقولها من أجل ألّا تحتمل أن يضيف إليها أحد أي كلمة، ولا يفسّر أي كلمة: هذا اعتداء سافر وجريمة موصوفة، ومن حقّنا الرد، سنحدد التوقيت لذلك، أكرّر: هذا اعتداء سافر وجريمة موصوفة، ومن حقّنا الرد، سنحدّد التوقيت لذلك”.

تعامل السفير الإيراني في لبنان مع هذا الموقف الجديد الذي أعلنه قاسم انطلاقًا من زاوية انتقال “حزب الله” من مرحلة إلى مرحلة، قائلًا: “كانت المقاومة في لبنان وبالأخصّ “حزب الله”، تمر في فترة صبر استراتيجي… طبعًا في خطاب الأمس للشيخ نعيم قاسم أشار إلى هذا الموضوع. أن يُستهدف قائد من صفوف “حزب الله” على مستوًى عال، وأن يقع ذلك في منطقة سكنية، كلّها عناصر دفعت الشيخ نعيم قاسم إلى القول إنّهم سيُقدِمون على الردّ على هذا الهجوم”.

في مقابل هذا التبنّي الإيراني غير المباشر لهذا التطور في موقف “حزب الله” الميداني، كشف تحقيق نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” السبت الماضي عن تفاصيل تُعلن للمرة الأولى حول رعاية طهران لوصول قاسم إلى زعامة الحزب العام الماضي. حمل التحقيق عنوان: “بعد نصر الله يرث نعيم قاسم أنقاض “حزب الله” وتوقّعات إيران”، وجاء فيه: “في 27 أيلول 2024، ضربت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي مبنيَيْن في حي الضاحية الجنوبية في بيروت. لأول مرة، تم استخدام قنابل لتدمير المخابئ، ما أدّى إلى تدمير مقر “حزب الله” الذي كان يقع تحت مبانٍ سكنية. قتل عدة شخصيات بارزة في المنظمة خلال الضربة، أبرزهم حسن نصر الله، الأمين العام للجماعة البالغ من العمر 64 عامًا”.

بعد أسبوع، في ليلة 3-4 تشرين الأول، قتل أيضًا خليفة نصر الله، هاشم صفي الدين، البالغ من العمر 60 عامًا.

بعد يومين من مقتل صفي الدين، هبطت طائرة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في بيروت. رسميًا، جاء ليقدم التعازي كممثل للحكومة الإيرانية. أصبح الهدف الحقيقي من الزيارة واضحًا فقط في النهاية. وفي رحلة العودة إلى طهران، صعد نعيم قاسم، الأمين العام الجديد لـ “حزب الله”، إلى الطائرة أيضًا. وبعد سنوات من الخدمة كمبعوث شخصي للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، حصل على الختم الرسمي لتعيينه قائدًا للمنظمة حتى قبل وصوله إلى طهران”.

أسهب تقرير الصحيفة الإسرائيلية في رواية السيرة الذاتية للأمين العام الجديد لـ “حزب الله”. وأضاف: “لا يزال “حزب الله” تحت قيادة قاسم يتعافى من هجوم النداء المتطوّر (البيجر). “حزب الله” لديه دافع هائل للبقاء، ويعمل الأمين العام الحالي بلا توقّف لإعادة المنظمة إلى مجدها السابق. يقول العقيد المتقاعد الدكتور جاك نيريا، وهو ضابط استخبارات عسكري إسرائيلي سابق من أصل لبناني ويشغل الآن منصب باحث في مركز الشؤون الخارجية والأمن في القدس: “حاكم إيران خامنئي قد عيّن قاسم فعليًّا كممثل شخصي له في لبنان”. وتحت رادار الحكومة تمكّن قاسم من إعادة تأهيل “حزب الله”، وتجنيد الشباب الشيعة، وتدريبهم، وفتح مسارات جديدة. حتى لو كان يفتقر للجاذبية، أنصحك ألا تستهين به.”

وقال التحقيق: “يساعد اثنان من كبار شخصيات “حزب الله” قاسم في إدارة المنظمة: الأول، هو وفيق صفا، عضو قديم في “حزب الله” ومتزوّج من أخت نصر الله. يتذكّره الإسرائيليون بشكل رئيسي كرئيس للجنة التفاوض مع إسرائيل بشأن إعادة جثث إلداد ريجيف وإهود غولدواسر… يدّعي مسؤولو الاستخبارات الأميركية أن صفا كان متورّطًا في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في شباط 2005، وفرضت الحكومة الأميركية عقوبات شديدة عليه. والثاني، عضو البرلمان اللبناني محمد رعد، المعروف بالإرهابي وكشخص يقدّم الدعم لمن ينفذ الهجمات في لبنان”.

يتبيّن في ضوء هذه المعلومات، أنّ كل ما يقوله نعيم قاسم هو عمليًّا صادر عن طهران. وجريًا على القول “مات الملك عاش الملك”، يمكن الوثوق بأنّ قاسم هو رجل إيران الحالي في لبنان. وفي ضوء هذا الواقع، يجب الاستعداد لحربٍ جديدةٍ، قال السفير الإيراني في لبنان مواربة إنّها آتية.

مات نصرالله… عاش قاسم! .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...