لم يكن مفاجئاً أن يعتصم “حزب الله” بالصمت حيال ما انطوت عليه المبادرة المصرية، والتي حملها هذه المرة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي والتي اعتبرتها الأوساط المعنية تطويراً لمهمة الوساطة التي بدأتها القاهرة أخيراً عندما أوفدت مدير جهاز مخابراتها العامة حسن رشاد. فالحزب يعلم تماماً أن المرحلة الآن هي مرحلة إغراق المشهد اللبناني بالمبادرات والأفكار والعروض، وكلها ترد متتالية تحت عنوان واحد وهو أن عليه أن يسارع لتسليم سلاحه ليسلم رأسه، عبر حرب جديدة قاصمة لظهره تتكفل إسرائيل بشنها عليه.
ووفق ما تناهى إلى علم الحزب أخيراً، فإن الوزير المصري عبد العاطي، تحدث إلى من التقاهم في العاصمة اللبنانية عن مهلة أسابيع لتسليم السلاح قبل أن تبادر تل أبيب بنفسها إلى أداء هذه المهمة، وهي تستعد لذلك.
وما عُدّ معطىً جديداً في كلام الوزير المصري أن الحرب الاسرائيلية التي تعامل معها الموفد المصري على أن ساعتها آتية لا ريب فيها، تحمل في طياتها أمرين خطيرين:
الأول أنها ستخرج عن طبيعتها المألوفة منذ سريان اتفاق وقف الأعمال العدائية قبل عام، أي ضربات متتالية وحرب استنزاف، لتتخذ شكل حملة عسكرية برية مفتوحة على كل الاحتمالات.
الثاني أنها لن تتوقف قبل أن يتوسع نطاق السيطرة الميدانية.
وعليه اعتبر الحزب أن القاهرة تنفذ الآن مع زيارة عبد العاطي ما يشبه “الانقلاب” على المسار الأول، لكن الثابت أن الحزب اختلط عليه الأمر، إلى درجة أنه لم يحسم أين يضع هذا الموقف المصري، هل في خانة الإنذار المحمول من الإسرائيلي، أم أنه واحد من عناصر الضغوط التي تمارس على الحزب ولبنان منذ زمن؟ خصوصاً أن الموفد المصري تحدث في لقاءاته المتعددة عن ضرورة تسليم السلاح على مرحلتين في جنوب نهر الليطاني كمرحلة أولى في مقابل وعد بوقف العدوان وانسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها، على أن يلي ذلك بحث بتسليم السلاح في المناطق الاخرى.
وأكثر من ذلك وجد الحزب في مهمة الوزير المصري ما يفصح عن رغبة ضمنية عنده بتحصين اتفاق غزة لأنه مازال قلقاً من تداعيات أي انهيار لهذا الاتفاق عليه.
ولدى الحزب أيضاً أن كلام عبد العاطي وتحذيراته من احتمال هجوم اسرائيلي قريب لم يجد عند الرؤساء الثلاثة ارتياحاً بل امتعاضاً، حتى إنه نقل عن أحد الرؤساء القول ألم يكن كافياً ما نسمعه ويُنقل إلينا من تحذيرات، ليأتي موفد القاهرة بأكثر منها؟
وكان طبيعياً أن يوجه السؤال إلى الحزب عن رأيه بالعرض المصري الجديد، فأتى الجواب متدرجاً، إذ ذكر المعني أنه عندما انتهى مدير المخابرات المصري رشاد من جولته في بيروت قبل فترة سئلنا أيضاً السؤال نفسه، فكان جوابنا يومها: يريحنا أن تدخل مصر على خط الوساطة خصوصاً أن علاقتنا بها إيجابية، لكن القاهرة عينها تعلم أننا لسنا في وارد القبول بأي مسار يجعلنا نغادر اتفاق وقف النار المبني على أساس القرار 1701، لنفتح الأبواب أمام مفاوضات مع الإسرائيلي مهما كان شكلها. ووفق المعلومات فإن الحزب أبلغ إلى الوفد المصري أنه مازال عند هذا الموقف وليس في وارد التراجع عنه.
“الحزب” يرفض المبادرة المصرية أيضاً وأيضاً: ضد اي مسار تفاوضي يجعلنا نغادر وقف النار .





