هل أطلق ترامب مسار بداية – نهاية “الإخوان”؟

تقف جماعة “الإخوان المسلمين” اليوم في مرمى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي وقع أمرًا تنفيذيًا بمباشرة إجراءات تصنيف بعض من فروع الجماعة “منظمات إرهابية أجنبية”. يعتبر هذا الأمر خطوة مفصلية في مسار الضغوط المتزايدة التي تشهدها الجماعة أصلًا منذ سنوات. فترامب كان قد وضع نصب عينيه “الإخوان” منذ فترة رئاسته الأولى، هذا بالإضافة إلى التراجع غير المسبوق الذي شهدته الجماعة خلال العقد الأخير سياسيًا واجتماعيًا، على المستويَين العربي والدولي.

وسيكون تصنيف بعض فروع “الإخوان المسلمين”، “منظمات إرهابية أجنبية”، أكبر ضربة قانونية ومالية وتنظيمية تتلقاها الجماعة وشبكاتها في الغرب منذ تأسيسها عام 1928، ما سيشكّل تحوّلًا جذريًا في السياسة الأميركية تجاه الإسلام السياسي بشكل عام، إذ تنتقل الإدارة الأميركية من مرحلة الجدل القانوني والسياسي في شأن طبيعة الجماعة، إلى خطوات تنفيذية تستهدف فروعًا بعينها ثبت ضلوعها في أنشطة عنيفة أو دعم جماعات مسلّحة في الشرق الأوسط، وهو ما يُعدّ رسالة واضحة بأن واشنطن ستتعامل مع “الإخوان” بوصفهم شبكة ممتدة تتجاوز الحدود الوطنية.

وفي انتظار المدّة المنصوص عنها في الأمر التنفيذي ليصدر القرار في شأن فروع الجماعة المرشحة للتصنيف من قبل وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين، يطرح هذا التطوّر تساؤلات جدّية حول ما إذا كان هذا التصنيف بداية – نهاية “الإخوان” أم جزءًا من تحوّل استراتيجي طويل الأمد.

بحسب نصّ الأمر التنفيذي الموقع من ترامب، فإن الولايات المتحدة ستركّز على فروع الجماعة في لبنان والأردن ومصر، التي تعتبرها تسهّل أو تشرك نفسها وتدعم حملات عنف وزعزعة الاستقرار ضدّ المصالح الأميركية وحلفائها في الشرق الأوسط.

هدف الخطوة هو تمكين الولايات المتحدة من ملاحقة التمويل المرتبط بهذه الفروع، جمع معلومات استخباراتية، ومقاضاة من يزوّدها بدعم إذا تمّ تصنيفها كمنظمات إرهابية. إلّا أنها خطوة تمثل بلا شك تصعيدًا واضحًا في سياسة واشنطن تجاه “الإخوان”، فهي ليست مجرّد مراجعة، بل محاولة لربط فروع الجماعة بعقوبات مالية وقانونية دولية.

فتصنيف بعض فروع “الإخوان” من قبل الولايات المتحدة، له أبعاد سياسية عدّة، أوّلها أنه يعطي زخمًا كبيرًا للضغط الإقليمي على الجماعة، خصوصًا من دول عربية ترى “الإخوان” تهديدًا سياسيًا وأمنيًا. من هنا، قد تستفيد بعض الحكومات العربية التي تعتبر الجماعة تهديدًا، مثل مصر وبعض الدول الخليجية، من القرار الأميركي كغطاء دولي لتكثيف حملاتها ضدّ “الإخوان”. كما أن قرار ترامب سيمهّد ويحفز على اتخاذ إجراءات أقوى وأشمل داخل الولايات المتحدة وحتى داخل أوروبا، ما سيضيف مزيدًا من الخسائر والأعباء على الجماعة الملاحقة أمنيًا ويرسّخ أزمتها السياسية والاقتصادية.

يمكن اعتبار مبادرة ترامب نقطة تحوّل كبيرة تضع الجماعة في مأزق أكبر من أي وقت مضى، في حين أنه من المبكر الجزم بأنها ستشكل نهاية “الإخوان” بالكامل، إلّا أنها بلا شك تمثل تصعيدًا استراتيجيًا مهمًا يدعّم مسار تقليص نفوذ الجماعة وتفتيتها. فهي ستسهم في التراجع الهيكلي والتنظيمي الكبير للإخوان، إذ ستجد الجماعة صعوبة في دعم فروعها المهدّدة قانونيًا، ما يضعف قدراتها التنظيمية والمالية، وبالتالي قد يغيّر خريطة جماعات الإسلام السياسي في بعض الدول.

تقف جماعة “الإخوان” أمام عزلة دولية وشيكة، ما يشير إلى أفول دورها كقوة سياسية مركزية أكثر من نهايتها المطلقة، في مواجهة التحوّلات الدولية المتسارعة كما تراجع الجماعة الشعبي في البلدان الموجودة فيها، فكيف ستستجيب الفروع المستهدفة والجماعة ككلّ لهذه الضغوط؟

هل أطلق ترامب مسار بداية – نهاية “الإخوان”؟ .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...