بعد ايام معدودة، تنتهي المرحلة الاولى من تنفيذ قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة وحدها، بما فيه سلاح حزب لله جنوب نهر الليطاني، وحتى الحدود الدولية، ويطرح المباشرة بتنفيذ المرحلة الثانية بتسليم سلاح حزب لله شمال الليطاني. كيف يبدو مسار التنفيذ في ظل الاجواء والمواقف السائدة حالياً؟
بشّر رئيس الحكومة نواف سلام اللبنانيين منذ ايام، بأن الدولة جاهزة لتنفيذ المرحلة الثانية من قرارها ، بحصر السلاح بيد الدولة شمال الليطاني، ما اثار حفيظة الحزب، الذي اعترض على موقف سلام، كعادته معارضة اي قرار تتخذه الحكومة، يتناول سلاح الحزب أو ما يتعلق بالمفاوضات مع اسرائيل.
يعرف الحزب ان رفضه لقرار الحكومة تسليم سلاحه للدولة شمال الليطاني لم يعد مبرراً، بعد تسليم سلاحه جنوبه وخروجه من معادلة مواجهة اسرائيل، ولا الادعاء بمخاطر اندفاعة سورية ضد الحزب بالداخل اللبناني بعد سقوط نظام بشار الاسد باتت تقنع احداً، او حتى التذرع باستمرار الاحتلال الاسرائيلي لبعض المواقع جنوباً ايضاً، لان السلاح فشل بحماية لبنان، كما كان يسوِّق الحزب لذلك، وحتى فشل بحماية الحزب نفسه، بعد ان تلقى اقسى ضربة باغتيال الامين العام حسن نصر لله وكبار قادته العسكريين. ولذلك فإن رفض الحزب، لا يقدِّم او يؤخر قرار الحكومة لتنفيذ المرحلة الثانية، وقد يكون من قبيل تسجيل المواقف استجابة لضغوط ايرانية، وليس الا، بينما الواقع في لبنان يختلف كثيراً عن رغبات الحزب الاحتفاظ بالسلاح، للاستقواء الداخلي والهيمنة على الدولة، او توظيفه لحسابات ومصالح ايران مع الولايات المتحدة الاميركية.
وفي حين يلاحظ أن تنفيذ المرحلة الثانية من خطة تسليم سلاح الحزب للدولة، يتزامن مع اقوى الضغوط والتهديدات الاسرائيلية بشن عدوان واسع النطاق على لبنان، ورقابة اميركية جديّة لمدى التزام لبنان، الايفاء بتعهداته والتزاماته للادارة الاميركية، واعضاء اللجنة الخماسية على وجه العموم، ما حققه ميدانياً، لنزع سلاح الحزب، مقابل توفير الدعم المالي والعسكري للجيش، ومرتبط ارتباطاً وثيقاً بتسهيل عقد المؤتمر الدولي لدعم الجيش اللبناني في شهر شباط المقبل، بناء على ما تقرر في الاجتماع الثلاثي الذي انعقد في باريس مؤخرا بهذا الخصوص.
في ضوء هذه الوقائع، لن يكون امام الدولة اللبنانية، اي خيار آخر، غير السير قدماً بتنفيذ المرحلة الثانية من قرار حصر السلاح، برغم كل الضجيج والصخب السياسي للحزب، وإلا فإن هذا يعني تعريض لبنان لسلسلة من المخاطر، تبدأ من امكان معاودة اسرائيل توسيع نطاق اعتداءاتها على لبنان، بتغاضٍ اميركي، والمجازفة بخسارة الدعم الاميركي للجيش،والدعم الدولي للدولة اللبنانية للخروج من تداعيات الحرب الاسرائيلية، وسلسلة الازمات المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان حالياً.
ما جدوى السلاح شمال الليطاني بعد خروجه من المواجهة جنوباً؟ .







