مقتل الشاب إيليو أبو حنا في مخيّم شاتيلا وضع مجدّداً ملف المخيّمات الفلسطينية على نار حامية، وسط ارتفاع أصوات تدعو الدولة إلى اقتحام المخيّم وغيره لفرض الأمن بالقوّة… ولكن، ما هي حسابات السلطتَين السياسية والعسكرية حيال هذا الطرح؟
بمعزل عن الملابسات التي أحاطت بمقتل الشاب اللبناني إيليو أبو حنا داخل مخيّم شاتيلا، فإنّ الأكيد أنّ هذه الحادثة أعادت إيقاظ عصبيات كامنة، وطرحت تساؤلات عن واقع المخيّمات الفلسطينية التي تتداخل فيها أجندات عدّة.
وربطاً بمقتل أبو حنا، اعتبر المتحمّسون لخيار «الحسم العسكري» أنّ خطة سحب السلاح الفلسطيني التي باشرت الدولة تنفيذها منذ فترة، ليست سوى مسرحية، وأنّ الشاحنات التي خرجت من بعض المخيّمات خلال الأسابيع الماضية وسُلّمت إلى الجيش، لم تكن تضمّ سوى نسبة بسيطة من كمّية السلاح الموجودة في حوزة الفصائل الفلسطينية.
وذهب هؤلاء إلى اتهام السلطة والقوى العسكرية بالتقاعس، رافضين مبدأ التواصل مع الفصائل الفلسطينية لتسليم المطلوبين المتهمين بإطلاق النار على أبو حنا، وداعين الدولة إلى بسط سيطرتها على مخيّم شاتيلا وتوقيف المطلوبين من دون أي تفاوض.
أمّا المقاربة الرسمية لهذا الملف، فتستند إلى حسابات مغايرة قوامها الآتي:
– إنّ جهاز الأمن الوطني الفلسطيني وركيزته حركة «فتح»، بادر إلى تسليم الجيش 6 مطلوبين من بينهم 3 من مطلقي النار على أبو حنا، فيما لا يزال هناك 3 فارّين أحدهم شارك في إطلاق النار ويستمر العمل والضغط لتسليمهم، وبالتالي فإنّ تجاوب الجهات الفلسطينية المعنية مع طلب السلطات اللبنانية تسليمها المتورّطين، سحب فتيل التصعيد والمواجهة.
– إنّ أجزاء أساسية من الاتفاق على سحب سلاح المخيّمات طُبقت، خصوصاً في ما يتصل منها بالسلطة الفلسطينية وحركة «فتح»، بينما يستمر البحث مع حركة «حماس» وقوى التحالف الفلسطيني لإقناعها بتسليم سلاحها الثقيل، ولا بُدّ من إعطاء هذا المسعى فرصته الكاملة قبل طرح أي خيارات أخرى.
– إنّ انتشار الجيش داخل مخيّم شاتيلا وبقية المخيّمات، ولو أدّى ذلك إلى مواجهة عسكرية، يتطلّب قراراً سياسياً على أعلى المستويات، لأنّه ليس مجرّد تدبير ميداني يمكن للمؤسسة العسكرية أن تتخذه بمعزل عن الغطاء السياسي الضروري.
– إنّ التعاطي مع مسألة السلاح الفلسطيني في المخيّمات لا يجوز أن يتمّ انطلاقاً من الشعبوية والمزايدات، بل يحتاج إلى أعلى درجات المسؤولية والحكمة من دون التخلّي عن الحقوق السيادية للدولة.
– إنّ الداعين إلى دخول مخيّم شاتيلا وغيره بالقوّة العسكرية التي ستُرتب كلفة عالية، لا يأخذون في الاعتبار حساسية أن يوضع الجيش اللبناني في هذا الموقع، بالترافق مع تعرّض الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إلى حرب إبادة على يَد جيش الاحتلال الإسرائيلي على امتداد عامَين، وسط تعاطف عالمي مع الفلسطينيِّين.
بناءً على هذه العوامل، تحاول السلطة السياسية والمؤسسة العسكرية في مقاربتها لوضع المخيّمات، التوفيق بين مقتضيات الأمن القومي اللبناني وبين خصوصية قضية اللاجئين، المرتبطة بمعادلات أوسع من حدود المصالح السياسية لهذا الطرف أو ذاك.
لماذا لم تقتحم الدولة «شاتيلا»؟ .






