لبنان مكبّ السيارات المضروبة: خطر كبير على الطرقات

لا يقتصر وضع الطرقات على عدد حوادث السير والحاجة إلى التشدّد في تطبيق قانون السير، ولا حتى على المجهود الذي تقوم به وزارة الأشغال لإعادة تأهيل طرقات لبنان التي وُصمت بطرقات الموت. لأنّ البلد بدأ يتحوّل شيئًا فشيئًا إلى مكبّ للسيارات التي تعرّضت لحوادث في الخارج، حيث يتمّ استيرادها وإعادة تأهيلها في بعض الأحيان واستخدامها مجدّدًا على الطرقات.

في السياق، يقول نبيل بازرجي، رئيس جمعية ممثلي صانعي المركبات العالميين في لبنان AIA إنه “لا تتوافر إحصاءات شفافة أو بيانات رسمية دقيقة حول عدد السيارات المتضرّرة التي تدخل لبنان سنويًا. إلّا أنّ التقديرات غير الرسمية تُشير إلى أنّ ما يزيد عن 15 % من السيارات المستوردة قد تكون تعرّضت لحوادث أو أضرار جسيمة، مع احتمال أن تتجاوز النسبة المذكورة فعليًا”.

ويضيء في حديثه لـ “نداء الوطن” على نقطة مهمّة، قائلًا إنه “في ظلّ غياب المعاينة الفنية الدقيقة، تغزو هذه المركبات الأسواق من دون حسيب أو رقيب. من هنا، لا بدّ من العمل لكي لا يكون لبنان مكبًّا للسيارات المضروبة. فالواقع يثبت أنّ الثغرات في آليات الرقابة الجمركية والفنية تسمح عمليًا بدخول مركبات تُصنّف في بلد التصدير كـ “هالكة” أو “خردة”، وهو ما يُشكّل خطرًا كبيرًا على السلامة العامة ويُسيء إلى صورة لبنان كبلد حضاريّ. لا يمكن أن تبقى “الجمارك” شاهد زور وتسمح بإدخال سيارات مضروبة بحجّة عدم توفر مراكز معاينة، إذ إنّه من البديهي رفض إدخال سيارات كهذه وليس المشاركة المّموَهة بالمخالفة الواضحة”.

وفيما تحاول الوزارات العمل بشدّة لجعل الطرقات آمنة، يكشف بازرجي أنّ “السوق المحلية تشهد اتجاهًا متزايدًا نحو شراء السيارات المستعملة والمستوردة بأسعار منخفضة. وهذا التوجّه يُعزّز حجم استيراد السيارات التي خضعت لحوادث أو كوارث طبيعية مثل الغرق والفيضانات. ومع غياب التطبيق الفعّال لقانون السير، لا سيّما المادة 348 التي تحظر استيراد المركبات المتضرّرة، تستمرّ هذه السيارات بالدخول إلى لبنان من دون إفادات من بلد التصدير للفحوصات التقنية الضرورية”.

ويشرح أنّ هذه “السيارات تُستورد من مزادات شركات التأمين العالمية، وخصوصًا من أسواق الولايات المتحدة، حيث تُباع بأسعار متدنية بعد أن تُصنّف كـ “هالكة” أو “غير قابلة للسير”. بعض التجار اللبنانيين يستغلّون هذا الواقع لشراء المركبات بأسعار زهيدة ثم شحنها إلى لبنان. ومحليًا، تُستخدم هذه السيارات بعد إجراء إصلاحات ظاهرية في المشاغل، وتُعرض في السوق للبيع على أنها “صالحة” للاستخدام. وفي الكثير من الأحيان، تكون قد فقدت مقوّمات سلامة الهيكل الأساسي إذ إنّها تعرّضت لتلحيم بعض الأعضاء أو عانت من تضرّر في الأنظمة الإلكترونية الحساسة، الأمر الذي يجعلها غير آمنة على الطرقات. وهنا لا بدّ من تنبيه المواطن إلى أنّ إصلاح السيارات المضروبة المستوردة غير مضمون، وهي خطرة”.

لذلك، فإنّ دق ناقوس الخطر اليوم ضروريّ، لكنّ اتخاذ إجراءات جدية كتشديد تطبيق قانون السير، إنشاء مراكز فحص متطوّرة، تأهيل موظفي الجمارك، ضمان شفافية معلومات المركبات، وتشجيع استيراد السيارات الجديدة الصديقة للبيئة عبر خفض الرسوم، كلّها إجراءات من شأنها ضبط الفوضى الحاصلة.

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...