أشار عضو تكتل “الجمهوريّة القويّة” النّائب أنطوان حبشي، في كتاب وجّهه إلى كلّ من رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، رئيس مجلس النّواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء نواف سلام وقيادة “حزب الله”، إلى “أنّنا اطّلعنا على كتابكم المفتوح المؤرخ في 6 تشرين الثاني 2025، الذي وجّهتموه إلى اللبنانيين وإلى مؤسسات دولتهم. وإذ نقدّر أي محاولة للتواصل، لا يسعنا إلا أن نسجّل حجم المغالطات والتفسيرات الانتقائية التي وردت فيه، والتي تستدعي رداً واضحاً لا لبس فيه، انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية كنوابٍ عن الشعب اللبناني”.
وأكّد أنّه “طال انتظارنا، لا لبيانات تبرّر الأمر الواقع، بل لعودتكم إلى كنف الدولة والشراكة الوطنية الحقيقية. شراكة لا تقوم على الفوقية أو فرض الخيارات بقوة السلاح، بل على قاعدة المساواة التامة في المواطنة، حقوقاً وواجبات، تحت سقف الدستور والقانون”.
ولفت حبشي إلى أنّ “بيانكم يُظهر توجساً ورفضاً مسبقاً لأي مسار تفاوضي قد تباشره الدولة اللبنانية، وتصفونه حرفياً بأنه “جرّ للدولة إلى جولات تفاوضية جديدة لمآرب تخدم فقط أهداف ومصالح العدو”، متسائلًا: “مَن خوّلكم تحديد مصلحة لبنان؟ إن قرار الحرب والسلم، والتفاوض والدبلوماسية، هو حق حصري للدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية، وليس لفصيل مسلح يقرر نيابة عن 10452 كيلومتراً مربعاً. كيف تحكمون مسبقاً على “مآرب” التفاوض؟ أليس التفاوض هو الأداة التي تعتمدها الدول لإنهاء النزاعات وتثبيت الحقوق؟”.
وشدّد على أنّ “رفضكم المطلق للدبلوماسية، ليس إلا استمراراً لنهج خطف قرار الدولة وربط مصير لبنان بأجندات لا تمت للمصلحة الوطنية بصلة. انكم إنما ببيانكم تضعون مؤسسات الدولة تحت وطأة الترهيب الناتج عن امتلاككم لسلاح غير شرعي، إن الزامها بعدم التفاوض ليس غيرة على المصلحة اللبنانية وإنما خدمة للمصالح الإيرانية في صراعاتها مع المجتمعين الإقليمي والدولي”.
كما سأل “عن أي وحدة وطنية تتحدثون؟ تستحضرون “الوحدة” كغطاء لرفضكم التفاوض، فنسألكم: أين كانت هذه الوحدة حين أعلنتم “حرب الإسناد” من جانب واحد، وجرّرتم لبنان إلى صراع مدمّر دون استشارة شركائكم في الوطن أو مؤسسات الدولة؟ وأين كانت هذه الوحدة عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار (13/10/2025) الذي تفاوض عليه بري، كما ذكرتم، دون عرض تفاصيله على مجلس النواب؟ إن الوحدة لا تُستعمل “غبّ الطلب” كذريعة لتبرير السلاح غير الشرعي”.
واعتبر حبشي أنّ “الخلل الأخطر في بيانكم، يكمن في محاولتكم اليائسة لتشويه وتفسير بنود قانونية ودولية واضحة لتتناسب مع سرديّتكم: أولاً، اتفاق وقف إطلاق النار (13/10/2025). لقد أشرتم إلى أن عدم تعرّضكم لإسرائيل هو “إنفاذ للاتفاق”. هذا تبسيط مخلّ ومضلّل. إن الاتفاقيات الدولية لا تُجزّأ. لقد نص البند (6) من الاتفاق المذكور بوضوح على: “تماشياً مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701… ستخضع أي مبيعات أو إمدادات للأسلحة والمعدات ذات الصلة إلى لبنان للمراقبة والتنظيم من قبل حكومة لبنان… سيجري تنظيم ومراقبة جميع عمليات إنتاج الأسلحة… داخل لبنان من قبل حكومة لبنان”.
وذكر أنّ “البند 7 نصّ على منح الحكومة اللبنانية “السلطات اللازمة كافة… للقيام بما يلي: … (ت) تفكيك جميع البنى التحتية، والمواقع العسكرية، ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرح بها التي تتعارض مع هذه الالتزامات”، مضيفاً عبارة “بدءاً من منطقة جنوب الليطاني”.
وأوضح أنّ “عبارة “بدءاً من” تعني “Starting from” ولا تعني “حصراً” أو “Exclusively in” كما تحاولون تصويره. إنها نقطة انطلاق لعملية نزع السلاح التي يجب أن تشمل كل الأراضي اللبنانية، وصولاً إلى تطبيق سلطة الدولة الحصرية”.
وأضاف حبشي: “ثانياً، القرار 1701 والقرار 1559. تصرّون على أن القرار 1701 محصور بجنوب الليطاني. هذا إما جهل بالقرارات الدولية أو تضليل متعمّد. نذكّركم بالبند الثالث (3) من القرار 1701 الذي يؤكد على: “أهمية بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية… وأن تمارس كامل سيادتها، حتى لا تكون هناك أي أسلحة دون موافقة حكومة لبنان ولا سلطة غير سلطة حكومة لبنان”.
وأشار إلى أنّ “هذا البند لا يتحدث عن الليطاني، بل عن “جميع الأراضي اللبنانية”. والأهم من ذلك، أنتم تتجاهلون عمداً القرار 1559، وهو المرجعية الأساس التي يرتكز عليها القرار 1701، والذي يطالب بـ “حلّ جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها” وبسط سيادة الدولة على كامل أراضيها”.
إلى ذلك، ركّز على أنّكم “تَعتبرون في بيانكم أن قرار الحكومة (الذي يطالب بحصرية السلاح) هو “خطيئة متسرعة” و”عربون حسن نية للعدو”. إن الخطيئة الحقيقية، والوحيدة، هي حمل السلاح خارج إطار الدولة والشرعية”، مؤكّدًا أنّ “موقفنا، كما عبر عنه “مؤتمر معراب الأول” (27 نيسان 2024) وجميع أدبياتنا السيادية، ثابت ولم يتغير: “إِنَّ السلاحَ خارجَ مُؤسساتِ الدولة الأمنيّة، وفي مُقدِمَتها الجيش… هو تهديدٌ للسيادةِ اللبنانيةِ واعتداءٌ صارخٌ على أمنِ الشعبِ اللبنانيِ برمتِهِ، ويستلزِمْ الشروعَ بسحبِهِ فوراً”.
وشدّد حبشي على أنّ “محاولتكم تصوير المطالبة بتطبيق الدستور والقرارات الدولية كـ”خطيئة”، هو هروب إلى الأمام ومحاولة بائسة لقلب الحقائق. لقد وقّعتم على اتفاق وقف إطلاق النار عبر ممثليكم في الحكومة والدولة، واليوم كعادتكم تتنكرون لموجباته الأساسية، وفي مقدمتها تسليم السلاح”.
وتابع أنّ “أساس الكيان اللبناني هو الحرية والشراكة. والطائفة الشيعية الكريمة هي ركن أساسي ومؤسس في هذا الكيان. لكن السلاح الذي تحملونه، والذي تحوّل من أداة “مقاومة” مزعومة إلى أداة لفرض الهيمنة الداخلية وخطف قرار الدولة، بات يهدد هذه الشراكة ويهدد الكيان بحد ذاته. إن كنتم تبحثون فعلاً عن مخرج، فالباب الوحيد هو الدولة”.
ولفت إلى أنّه “إن كنتم تتوجهون إلينا كشركاء، فالشراكة تبدأ بتسليم السلاح غير الشرعي كاملاً للجيش اللبناني، والقبول بالدولة كمرجعية وحيدة وحصرية، والاعتراف بأن قرار الحرب والسلم هو للبنانيين جميعاً عبر مؤسساتهم الدستورية، لا لفريق واحد”.
وتوجّه إلى “أهل الطائفة الشيعية الكريمة في لبنان”، قائلًا: “لقد غاب في طيات الكتاب المفتوح الذي وجهته قيادة حزب الثورة الإسلامية في لبنان، إلى الرئاسات الثلاث وإلى ما أسموه “أبناء شعبهم الأبي في لبنان”، أي تفكّر بما قد يصيب هذا الشعب- وهو أنتم. ورغم أنّي كتبت إليهم مع علمي أن “مَنْ لَمْ تَنْفَعْهُ التَّجَارِبُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَوْعِظَةٍ”، إلّا أني أكتب إليكم أنتم الآتي: أريدكم أن تتفكّروا بحالكم بكل صدق، لئلّا تكونوا كَـ”مَنْ جَرَى فِي عِنَان أَمَلِهِ، (ف)عَثَرَ بِأَجَلِهِ”. وأنتم المتأمّلون بقرب خلاصٍ ما، يعوّضكم عمّا حصل ويقيكم ممّا سيحصل، لأنه يبدو أن من ولّيتموهم أموركم، لم ولن يحسنوا النظر بها”.
حبشي يردّ على حزب الله… هذا ما قاله .





