منذ وصول العماد جوزف عون الى سدّة الرئاسة في كانون الثاني الماضي، بدت العلاقة جيدة مع ” القوات اللبنانية” ورئيسها ونوابها، الذين إنتخبوا عون وأيدوا خطابه الرئاسي، الذي سيشكل تطبيقه فرصة كبيرة لإنتشال لبنان من الهلاك، وإعادة التوازن الى الدولة، ومنح المسيحيين مساحة واسعة داخل الحكم .
لكن بعد أشهر قليلة، بدأت التباينات بين بعبدا ومعراب تظهر ضمن بعض الملفات، وتتباعد الرؤية والمواقف التي كانت متجانسة، اذ رأت “القوات اللبنانية” وجود تريّث وتردّد في بعض المواقف الرئاسية، وبدأ التباين يظهر في العلن بين خيارات الطرفين، الامر الذي فتح ابواب الفتور ثم التوتر، الذي أشعله المناصرون والخصوم على مواقع التواصل الاجتماعي، الى ان تسبّب بعدم دعوة رئيس الحزب سمير جعجع لإستقبال قداسة البابا لاوون في قصر بعبدا بالتشنّج.
حينئذ بدا الوضع وكأنه تغيّيب له، فيما نفت دوائر بعبدا ذلك بسبب عدم دعوة رؤساء الاحزاب، الامر الذي لم يتقبله “الجمهور القواتي” فيما رحّب به الخصوم، ما ساهم في تكبير الخلاف. ثم توالى التباين الى ان اعلنت بعض الكواليس عن وجود ما يقارب القطيعة بين الطرفين، لتبرز الحرب الباردة بعدما كانت خفية، وحينها لم يعد الخلاف محصوراً ببروتوكولات الدعوات، بل برز بعدُ سياسي مرتبط بمواقف “القوات”، فساهمت بعض الاقلام في تفاقم السجالات بين مؤيدي “القوات” ورافضيها، من خلال عاصفة من الردود ما زالت مستمرة.
للإضاءة على ما يجري بين بعبدا ومعراب، يشير عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم لـ”الديار” الى انّ رئيس الجمهورية “يعتمد منذ فترة اسلوباً لا يفيد العهد، ومن هذا المنطلق وجهنا رسائل تتعلق بالاداء، الذي اعطى المجال لرئيس مجلس النواب وحزب الله لإدارة البلد، وهذا يضرّ بخطاب القسم وبالرسالة التي اطلقها الرئيس وبالثقة بلبنان، فيما نحن نريد للرئيس جوزاف عون ان ينجح في مهمته لانّ نجاحه من نجاحنا، لذا اعطينا ملاحظاتنا إنطلاقاً من محبتنا له، ومن ضمن اللياقة السياسية لاننا نكّن له كل الاحترام”، نافياً وجود “توتر او فتور بسبب عدم توجيه الدعوة للدكتور جعجع لإستقبال قداسة البابا في قصر بعبدا”.
وقال: “خلال زيارة البابا يوحنا بولس الثاني الى لبنان في العام 1997، دُعي رؤساء الاحزاب لإستقباله والدكتور جعجع كان في السجن، واليوم كرئيس حزب واكبر كتلة نيابية مسيحية، كان من المفترض ان تتم دعوته، لكن هذا لم يخلق توتراً من قبلنا مع بعبدا، فيما ضخمّت وسائل التواصل الاجتماعي الامور وخلقت خلافاً غير موجود، والحقيقة تؤكد وجود تباين ليس اكثر، لانّ العلاقة لم تتأثر من جرّاء ذلك، فهي عميقة وقائمة على بناء اسس الدولة القوية”.
وعن كيفية وصف العلاقة بين الطرفين، أجاب: “لا شيء في السياسة اسمه “زعل” او توتر، فنحن والرئيس عون في إتجاه سياسي واحد، لكننا نتحدث عن بعض الملاحظات حول منهجيته، ونتخوف من إعادة سيطرة الدويلة على الدولة، ونأمل منه وضع حدّ لذلك، لانّ كل هذا يعني الابتعاد عن خطاب القسم وعدم تطبيق بنوده”.
وحول كثرة الزيارات التي يقوم بها النائب ملحم الرياشي الى القصر الرئاسي، بهدف الوساطة بين بعبدا ومعراب، أشار الى “انّ التواصل دائماً موجود مع رئيس الجمهورية والعلاقة طبيعية، والنائب الرياشي يزور القصر دائماً وليس هنالك من وساطة، وأكثر ما يهمنا ان نكون على علاقة جيدة مع رئيس الجمهورية”.
وعلى خط القصر الرئاسي، كلام مصادر بعبدا والمستشارين قليل جداً، لانهم يفضّلون إلتزام الصمت، وإنطلاقاً من هنا تعتبر مصادر القصر “انّ المهم اليوم مصلحة البلد والترّفع عن الخلافات، لاننا على مسافة واحدة من الجميع، والعهد يقابل برضى وتنويه دولي، وعندما يتواجد هذا التأييد، لا بدّ له ان يفتح افاقاً وقنوات على الخط الصحيح لتنفيذ خطاب القسم”. واكدت المصادر تمسّكها “بالحوار مع الجميع ورفضها الانجرار الى السجالات لانها لن توصل الى الحلول، بل على العكس تماماً”، وأكدت المصادر بأنّ رئيس الجمهورية “يسعى الى تموضع وسطي بعيد عن الاصطفافات”.
“القوات”: هناك بعض التباين مع رئيس الجمهوريّة.. لكننا في اتجاه سياسي واحد مصادر بعبدا : الرئيس يسعى الى تموضع وسطي بعيداً عن الإصطفافات .






