يعيد وزير الطاقة جو الصدّي تحريك ملف استجرار الطاقة في الاتفاقية الموقع عليها مع الأردن عبر سوريا سابقًا، والتي كانت مجمّدة لأسباب تقنية وسياسية في المنطقة وتمويلية من جرّاء الحاجة إلى الإصلاحات. فهل سنتمكّن من استجرار الكهرباء عبر الأردن وماذا عن استقدام الطاقة من مصر التي تواجه معوّقات في تحقيق كفايتها الذاتية في إنتاج الطاقة؟
في 15 تشرين الأول الجاري، زار وزير الطاقة والمياه اللبناني، جو الصّدي، العاصمة الأردنية عمّان، والتقى نظيره الأردني، وزير الطاقة والثروة المعدنية، صالح الخرّابشة. تركّزت المباحثات على تعزيز التعاون في قطاع الطاقة، لا سيّما في مجالي استجرار الطاقة الكهربائية من الأردن وواقع مشروع خط الغاز العربي إلى لبنان.
واستكمالًا لتلك الزيارة التي كانت إيجابية، علمت “نداء الوطن” أن اللجنة الثلاثية ستلتئم بين الأردن ولبنان وسوريا كما هو متوقع في 20 تشرين الثاني في عمان ليتمّ التباحث مع الجانب السوري حول ما إذا كان القسم الذي يمرّ بسوريا أمرًا ممكنًا باعتبار أن وضع الشبكات وقساطل الكهرباء والغاز على أرض الواقع غير معلوم ما إذا كان قابلًا للاستخدام.
وكان معلومًا أن البُنية التحتية أو الربط التقني أو الترخيص العابر لم يُستكمل حتى الآن، ما يُعرقل بدء ضخ الكهرباء إلى لبنان.
وكانت وزارة الطاقة اجتمعت سابقًا في تشرين الأول 2021، مع وزارتي الطاقة في الأردن وسوريا واتفقت على مسوّدة نهائية لنقل الكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر الشبكة السورية، حيث تمّ الاتفاق وقتها على توفير نحو 150 ميغاواط من منتصف الليل إلى السادسة صباحًا، و250 ميغاواط لباقي النهار. وفي 26 كانون الثاني 2022، تمّ توقيع عقد رسمي بين الأردن وسوريا ولبنان لتوريد الكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا. وحتى يومنا هذا، لا تزال الاتفاقية “موقعة” لكن التنفيذ ينتظر اكتمال بعض الإجراءات التقنية أو التمويلية. وفي 14 شباط 2022، صرّح وزير الطاقة الأردني بأن التوصيل قد يبدأ في آذار 2022، شرط انتهاء الترتيبات التمويلية مع البنك الدولي.
اليوم، وبعد 4 أعوام من الجمود، أعاد وزير الطاقة جو الصدّي تحريك هذا الملف في خطوة تهدف إلى نقل الكهرباء الأردنية إلى لبنان. فماذا عن استجرار الكهرباء المنتظر من مصر إلى لبنان؟
تصدير الكهرباء من مصر
كان هناك مخطّط لمصر لتصدير الكهرباء إلى لبنان اعتبارًا من العام 2029 من خلال ربط كهربائي جديد يتمّ بناؤه لزيادة قدرته عبر الأردن، لكن يبدو أنه صعب التحقق كما علمت “نداء الوطن” رغم إيجابيات المشروع الذي يهدف إلى مساعدة لبنان في معالجة أزمته المزمنة في قطاع الطاقة وتخفيف عبء الكلفة المرتفعة، والسبب إعلان مصر عن مشاكل تواجهها على صعيد إنتاج الكهرباء وضرورة تلبية حاجات سوقها الداخلية قبل التصدير إلى لبنان.
بالنسبة إلى آلية التنفيذ التي كانت معدّة حسب المخطّط ستتمّ عبر توسيع الربط الكهربائي الحالي مع الأردن، والذي يتضمّن خطًا جديدًا يتم بناؤه لزيادة القدرة. ويبدأ المسار المقترح للخط الجديد من مدينة طابا المصرية وينتهي عند خليج العقبة، ومن ثمّ يتمّ توسيعه ليشمل لبنان. يستغرق تنفيذ الخط الجديد حوالى 30 شهرًا من تاريخ الانتهاء من الدراسات، والتي تتوقع أن تستغرق 6 أشهر بعد طرح مناقصة لاختيار استشاري عالمي.
إتفاقية الغاز
إلى كلّ ذلك، نشير إلى اتفاقية الغاز بين مصر- سوريا- لبنان التي وقعت بين الدول الثلاث في 21 حزيران من العام نفسه 2022 والتي لم يتمّ تفعيلها. وهي تُتيح للبنان استيراد نحو 650 مليون متر مكعّب سنويًا من الغاز الطبيعي من مصر عبر سوريا.
ويكمن الهدف من تلك الاتفاقية ضخ الغاز إلى محطة كهرباء في شمال لبنان (دير عمار) لزيادة إمكانية الإنتاج الكهربائي. أما الغاية من استيراد الغاز الطبيعي فمن شأنه أن يُسهم في توليد كهرباء محليًا داخل لبنان، وليس بالضرورة نقل كهرباء جاهزة من بلد آخر.
لم تدخل تلك الاتفاقية حيّز التطبيق نظرًا إلى وجود معوّقات ارتبطت بالعقوبات الأميركية على سوريا (قانون قيصر) والتي كان من الممكن تذليلها، والتمويل من البنك الدولي الذي اشترط تنفيذ الإصلاحات في قطاع الكهرباء، والبُنى التحتية اللازمة.
أمّا اليوم، وقد ذلّلت عقوبات قانون قيصر بعد انهيار نظام بشار الأسد وتعيين الهيئة الناظمة للكهرباء في لبنان بعد أكثر من عشرين سنة من التأخير، فإن المعوقات المتبقية تتمحور حول التالي: مرور الغاز من مصر إلى لبنان عبر سوريا يمرّ عبر شبكة أنابيب (جزء من Arab Gas Pipeline) قد تحتاج إلى تأهيل وصيانة، خصوصًا في سوريا التي تأثرت بالحرب.
ووفق المعلومات، ورغم أن لبنان كان بدأ إجراءات فعلية لاستقبال شحنات من الوقود السائل من إحدى الدول العربية عبر مصر، إلّا أن همّ مصر اليوم يكمن كما ذكرنا سابقًا في توفير الكفاية في الكهرباء لسوقها المحليّة قبل التصدير إلى لبنان إذ أعلنت سابقًا أنها تواجه مشاكل في إنتاج الكهرباء.
إذًا في ظلّ الصعوبات بتفعيل اتفاقيات الكهرباء مع مصر، يبقى التعويل حاليًا على الأردن لاستجرار الطاقة الكهربائية عبر سوريا وستتبلور صيغة هذا التعاون في الاجتماع المقبل المرتقب في 20 تشرين الثاني، فضلاً طبعاً عن البحث عن مصادر أخرى للغاز، بانتظار أن تعود مصر الى التصدير.
الصدّي يحرّك ملف استجرار الطاقة من الأردن .







