إذا كان هناك من “خلافات” فالأمر منوط بالدولتين، لبنان والمملكة، أما أن يقفز الشيخ قاسم فوق الدولة، فهذا تأكيد جديد على أنّ الحزب لم يستخلص العبر من السنتين الماضيتينن ويتصرف وكأنّ أيّ تغيير لم يحدث خصوصًا بعد خياره الإنتحاري بالمشاركة في حرب “طوفان الأقصى” عبر الانخراط في الإسناد والمشاغلة
مازال الأمين العام لحزب الله يتصرف وفق سردية أنه مازال “دولة”، ويتعاطى مع الداخل والخرج على هذا الاساس.
أمس أستعاد هذه “السردية”، فخاطب المملكة العربية السعودية “من دولة إلى دولة”، قافزًا فوق الأعراف والأصوال الديبلوماسية، ومتجاوزًا الدولة اللبنانية.
الشيخ قاسم دعا المملكة العربية السعودية إلى “فتح صفحة جديدة مع المقاومة ضمن أسس محددة، تشمل:
حوار يعالج الإشكالات ويجيب عن المخاوف ويؤمن المصالح. ويجب أن يبنى على أن إسرائيل هي العدو وليست المقاومة. تجميد الخلافات التي مرت في الماضي على الأقل في هذه المرحلة الاستثنائية من أجل مواجهة ولجم إسرائيل.التأكيد أن سلاح المقاومة موجه ضد العدو الإسرائيلي وليس لبنان ولا السعودية ولا أي جهة في العالم”.
من خلال قراءة ما سبق، يمكن استخلاص ما يلي:
يعيش حزب الله حالة إنكار للواقع الذي هو فيه، فمسألة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية هو مطلب دولي وعلى رأس المطالبين الولايات المتحدة الأميركية، ومطلب عربي وعلى رأس المطالبين المملكة العربية السعودية، يُدرِك الشيخ قاسم هذه الحقيقة لكنه يتثرف عكسها فلا يتوانى عن القول أن
” سلاح المقاومة موجه ضد العدو الإسرائيلي وليس لبنان ولا السعودية ولا أي جهة في العالم”. وكأنه يريد أن يقول ” إن سلاح المقاومة باقٍ ” ويحدد ضد مًن هو موجَّه.
الأنطباع الثاني أن حزب الله هو الذي يطلب من السعودية “فتح صفحة جديدة” مع المقاومة، وكأنه يريد أن يقول إن على المملكة أن تفتح حوارً معه!
الأنطباع الثالث، حديثه عن ” تجميد الخلافات التي مرت في الماضي على الأقل في هذه المرحلة الاستثنائية”، وبهذا يعترف حزب الله بان لديه خلافات مع حزب الله يريد “تجميدها” وليس حلَّها!
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما هو نوع “خلافات” الحزب مع المملكة العربية السعودية؟ لماذا لم يُسمِّها الشيخ قاسم؟ الا يحق للرأي العام، من باب الشفافية، ان يطَّلع عليها؟
الجميع يعلم أن ملف “خلافات” حزب الله مع المملكة ليس من النوع الذي يقبل “التجميد” ، وكأن الحزب يريد لهذه “الخلافات” أن تبقى لتكون سيفًا مسلطًا على المملكة، وما كان يُعرَف بالأبتزاز الذي كان يمارسه الحزب في حق المملكة.
كما أن هناك ملفًا خلافيًا كبيرًا وهو تهريب الكابتاغون إلى المملكة، بدليل أن عمليات ضبط الكميات الهائلة في لبنان تمت بتعاون أمني جاد بين لبنان والمملكة، وأثمر كشفًا لملايين حبات الكبتاغون.
هل هذا ما يريد الشيخ نعيم قاسم تجميده؟
إذا كان هناك من “خلافات” فالأمر منوط بالدولتين، لبنان والمملكة، أما أن يقفز الشيخ قاسم فوق الدولة، فهذا تأكيد جديد على ان الحزب لم يستخلص العبر من السنتين الماضيتينن ويتصرف وكأن أي تغيير لم يحدث خصوصًا بعد خياره الإنتحاري بالمشاركة في حرب “طوفان الأقصى” عبر الأنخراط في الإسناد والمشاغلة.