اعتبر مراقبون سياسيون في بيروت أن التسريبات الإسرائيلية الاخيرة، حول تقديم تل أبيب 1734 شكوى لدى الأمم المتحدة عن خروقات حزب الله لاتفاق وقف النار الساري منذ نوفمبر 2024، تندرج في سياق تحضير الأرضية لأي توسيع إسرائيلي للعمليات العسكرية المتواصلة على أكثر من مستوى في لبنان.
يأتي ذلك، وسط تضارب في المعطيات الدولية والدبلوماسية حول حقيقة الموقف، لا سيما في ظل ورود معلومات تفيد بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تضغط على إسرائيل لمنعها من توسيع هجماتها، وفق استراتيجيتها القائمة على ممارسة الضغوط على لبنان لدفعه إلى الالتزام بالشروط التي تريدها تل أبيب إنما مع تجنب أي حرب واسعة، خصوصاً في ظل العمل على تثبيت وقف النار في قطاع غزة، وسعي واشنطن إلى مبادرات إقليمية جديدة تعيد الاعتبار لمسار اتفاقيات إبراهيم.
في المقابل، ترد معلومات دبلوماسية مناقضة، مفادها أن الإسرائيليين يحضرون فعلاً لتوسيع عملياتهم، وأن هذا الأمر مسألة وقت فقط، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يريد وقف الحرب بهذه الشروط، وهو قد يحجم عن تنفيذ عملية عسكرية واسعة أو عمليات برية متقطعة، إلا أنه سيواصل تصعيد الضربات الجوية للضغط على لبنان لتحويل منطقة الجنوب خالية بالكامل من السلاح وليس فقط منطقة جنوب الليطاني، بل وصولا حتى نهر الأولي.
وفي هذه الأجواء، جدد حزب الله أمس تمسكه بسلاحه، رافضا أي محاولات لسحبه. وقال نائب رئيس المجلس السياسي في الحزب، محمود قماطي، إن الحزب لن يسلم سلاحه، معتبرا أنه يمثل «قوة للوطن وسيادة للبنان»، وأضاف قماطي أن «العدو يعتدي علينا يوميا، وكل الضغوط الأميركية والأوروبية لن تؤثر علينا».
وفي وقت سابق، كشف تقرير لصحيفة لوفيغارو الفرنسية أن حزب الله يعمل حاليا بشكل شبه كامل تحت الأرض، مضيفة أن الحزب يعيد بناء هيكله القيادي وقوته العسكرية بشكل سري، وأوضحت أنه بعد عام من عملية البيجر الإسرائيلية بات العمل يسير بسرية تامة لإعادة ترميم صفوف حزب الله. وقالت الصحيفة إنه في الوقت الذي يبدي «حزب الله» موافقته بشكل ظاهري على نزع سلاحه، فإنه فعليا يسير بخلاف ذلك في معاقله الأخرى.
وفي واشنطن، شدد السفير الأميركي المعيَّن إلى بيروت ميشال عيسى على أن «سياسة الولايات المتحدة تبقى ثابتة»، موضحا أن «الحكومة اللبنانية هي السلطة الشرعية الوحيدة التي تمثّل جميع المواطنين، وأنّ الجيش والمؤسسات الرسمية يجب أن تُحترم وتُدعَم وتعمل من دون أي تدخّل».
وقال عيسى، أمام الجالية اللبنانية في واشنطن، إنّ صبر المجتمع الدولي «ليس بلا حدود»، وإنّ «الولايات المتحدة لن تتسامح مع أي واقعٍ يجعل لبنان يسمح لجماعاتٍ بتهديد السلام أو تعادي الشعب الأميركي»، وأشار إلى أن «الولايات المتحدة وشركاءها مستعدون لمساعدة لبنان، لكن هذه المساعدة يجب أن تترافق مع وحدة وطنية ومسؤولية».
إشارات متضاربة حول «حرب جديدة» .



