لأننا نستجيب لنداء الوطن ولأننا نستحق الوطن الذي دفعنا دمًا لتأسيسه ودمًا لاستقلاله ودمًا لإبقائه بجناحَيه المسيحيّ والمسلم، سنردّ على محطة “المنار” التحريضية بصراحتنا وجرأتنا المعهودتين، غير آبهين بتهديدها ووعيدها تمامًا كما عرفتنا يوم كان إصبع سيّدها يُخيف معظم من يتحدثون اليوم بلسان السيادة وكنا نحن صوتًا صارخًا في بريّة السيادة.
من تلفيقها للأكاذيب وترويجها للحقد والكراهية بين اللبنانيين إلى دورها الإعلاميّ المنحطّ على المستوى التقني وعلى مستوى المضمون وهي محطة مموّلة من إيران والهدف من إنشائها غسل عقول بيئة “حزب الله” وزرع عشق الموت في عقولهم وكره الحياة وقتل من لا يسلّمون بأن إيران على حق، وتكفير كل الذين ليسوا شيعة، وترغيب الطامعين بالمال والسلطة وترهيب الرافضين للتسليم.
هكذا ولهذه الأسباب أنشأ الإيرانيون محطة “المنار” التي يدرس القيّمون عليها السيرة الذاتية لكل من يُستضاف على شاشتها، وبقدر انبطاحه وزحفه وتسليمه بالإيرنة والفرسنة بقدر ما يُرحّب به ضيفًا عزيزًا. حتى الحليف في السياسة والذي يرفض التسليم بسرمدية السلاح وبحكاية تسليمه إلى المهدي المنتظر، لا مكان له على شاشة “المنار”.
فهذه المحطة هي بالتحديد من أبلست الشهيد رفيق الحريري قبل اغتياله وهي من أعدت التقارير عن “عمالته” وعن ضرورة محاربة فكره ومشروعه ثم ما لبثت عناصر تابعة لـ “حزب الله” أن اغتالته بحسب قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. هذه المحطة أو المنحطة بزيادة النون عن قصد وليس عن طريق الخطأ، عملت عن سابق تصوّر وتصميم على أبلسة صورة الشهيد سمير قصير والشهيد جبران تويني قبل اغتيالهما، وروّجت بعد اغتيالهما لـ شائعة “عمالتهما” وكأنها تعترف بدورها المحرّض على القتل. هذه المنحطّة أيضًا هدرت دماء الشهيد هاشم السلمان الذي اغتيل رميًا بالرصاص أمام السفارة الإيرانية بطلقات من مجهول الهوية معلوم الانتماء. وهي نفسها من حرّضت على اغتيال لقمان سليم وهلّلت يوم سقط شهيدًا.
ماذا تعرفون عن المنار؟ أنتم أيها اللبنانيون بسوادكم الأعظم لا تتابعونها ومعكم كل الحق في ذلك فمن لديه الوقت لمتابعة برامج إيرانية فارغة لا تستهدف إلا من غُسلت أدمغتهم بأكاذيب “حزب الله” وأساطيره الفارغة؟ لكن نحن مَن نتابع التفاصيل في سردية “حزب الله” ومَن جعلنا من كشف كذبه وفضحه قضيّتنا، نتابع أخبارها ونعرف برامجها ونفهم أسباب خسارة “حزب الله” كل شيء حتى قدرة إقناعه من يتقاضون منه رواتبهم ويعتاشون على مساعداته وماله وقروضه.
ولأن لا شيء يظهر على “المنار” خصوصًا في الحملات السياسية إلا بقرار سياسيّ من “الحزب” أو بفتوى من مراجعه الدينية فإن تقرير استهداف صحيفة “نداء الوطن” أول من أمس وهدر دم العاملين فيها وعلى رأسهم ناشرها ورئيس مجلس إدارة الـ MTV ميشال كبريال المر، ليس عملًا صحافيًا بل قرار واضح بأن هدفًا جديدًا وضعه “الحزب” على لوائح الاغتيال. والاغتيال هنا بدأ معنويًا وسيتطور شيئًا فشيئًا حتى تحيّن اللحظة إذا سنحت لا سمح الله.
هذا ليس اتهامًا بل إسقاط طبيعيّ على تاريخ “حزب الله” وعلى ما فعله بمن هدر دمهم على شاشته قبل تصفيتهم في ميدان المقاومة والتحرير، حيث لم يجبنوا ولم يخافوا فأزهرت مقاومتهم انكسارًا لـ “الحزب” خلال حرب الإسناد وبعده. ما تفعله “المنار” مع ميشال المرّ هو نفسه ما يحاول “حزب الله” فعله مع المجتمع الدولي ومع الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية، فهو يحاول إعادة التسلح بوجه قرارات واضحة بضرورة تسليم سلاحه وهي تحاول تشويه صورة المر والتحضير لما كانت تفعله يوم كان “الحزب” يأمر القضاء والأمن والساسة، ويوم كان صوت وفيق صفا أقوى من صوت العدالة والشرعية والدستور. لكن اليوم ليس البارحة فلا صوت صفا مسموع ولا العودة إلى التسلح ممكنة، ولا التهديد من خلال تقرير يُجدي.
في التقرير المذكور اتهام مباشر للمر بالعمالة وبهدر دم من قتلهم “حزب الله” ولكن بأسلحة أميركية وتنفيذ إسرائيلي! أليس “حزب الله” من قرر حرب الإسناد وهو يعرف سلفًا أن الخردة لا تقاوم التكنولوجيا وأن بالآيات نتضرّع إلى الله ولا نُسقط الطائرات؟ هذا الاتهام مردود إلى أصحابه وما فعله المرّ اليوم وبالأمس وما سيفعله غدًا هو نقل الحقيقة كما هي من دون كذب ومن دون غسل أدمغة. فـ “حزب الله” أخفى صواريخه في حرب الإسناد تحت المنازل وبين المدنيين وتسبب بمقتل الأبرياء والأطفال، وعلى الرغم من ذلك كان المرّ يناشد عبر مؤسساته الإعلامية “الحزب” أولًا بعدم استخدام المدنيين دروعًا بشرية، لكنه أدان إسرائيل وجرائمها في كل مرة كانت تقتل المدنيين والأبرياء.
المر وفي عصف معركة الإسناد وفي ذروة تخوينكم له، كان مصرًّا ولا يزال على اعتماد تسمية الشهداء لمن يسقطون من “حزب الله” نفسه وهذا القرار اتخذه عن قناعة بأن من يُقتلون هم لبنانيون، وفي خضم الحرب وقبلها وبعدها لم يغلق المر هواء مؤسساته بوجه ضيوف “الثنائي الشيعي”، لا بل كانوا ولا يزالون حاضرين في نشرات الأخبار وضمن البرامج السياسية الأساسية يُخبرون قصصهم وسرديّاتهم ومواقفهم وينتقدون الأحزاب المسيحية والسنية والدرزية ويخوّنون من يريدون من على شاشة المرّ نفسها.
والملفت هنا أن خطورة التقرير على شاشة “المنار” ليست في انتقاد المر ومؤسساته الإعلامية وليس انتقاد العاملين فيها، بل تحويل العمل الإعلامي والصحافي من انتقاد مشروع مهما علا سقفه وأيًا كان المُنتقد إلى عمل إرهابيّ فيه تلميح إلى هدر دم وفيه محاولات رخيصة لضرب المُستهدف معنويًا تمهيدًا للاغتيال الجسدي.
فمن قال إن هذا التهديد لا تستغله إسرائيل أو أي طابور مخابراتيّ لإحداث فتنة في الداخل اللبناني، خصوصًا أن “المنار” تعرف خطورة عرضه وخطورة ما قيل فيه وخطورة نهايته؟ من قال إن “المنار” لم تفعل ما فعلته لتلقي غداً لا سمح الله الملامة على آخرين في حين أنها الفاعلة والمحرّضة والمخططة لكل شر؟ ليس ما فعلته “المنار” بالصحافة بل هو عمل استخباراتيّ إسرائيليّ يشيطن المتهم تمهيدًا لأمر أكبر. وهل يعلم مناصرو “المنار” أن اتهام المرّ بملف الإنترنت غير الشرعي هو بحد ذاته واحد من أساليب “حزب الله” يوم كان القضاء والبلد برمّته يأتمر بوفيق صفا؟ هل يعلم المناصرون أن المرّ صاحب الصوت الصارخ بوجه “الحزب” والاحتلال السوريّ يومها والرافض لكل أساليب الإغراء من جهة والتهديد من جهة أُخرى، حُكم براءة في الملف نفسه من قبل قاضٍ مسيحيّ الأمر الذي لم يرق لـ “حزب الله” فتم نقل الملف إلى قاضٍ شيعيّ وأمره وفيق صفا بالحكم على المرّ من دون مداهمة الـ MTV في سابقة قضائية تُعدّ فضيحة؟ وهل يعلم المناصرون أن القرار النهائي بالملف لم يصدر بعد وغدًا لناظره قريب؟
كل هذا يؤكد أن “حزب الله” في مأزق وأن جمهوره يحتاج إلى قضايا تُبقيه حاضرًا للموت ولو كانت هذه القضايا ملفقة وغير حقيقية. فيا أصحاب الألوان الصفراء والأقلام الصفراء والوجوه الصفراء إذا كنتم “المنار” فنحن المنارة الإعلامية والمنارة الوطنية، وإذا كنتم “حزب الله” فنحن صوت الله لأن صوت الله دائماً الحق والحقيقة. كل هذا باختصار يؤكد أننا على حق وأن من يؤمنون بالقضية الحق لا يتعبون ولا يخافون ولا يتراجعون ونحن لسنا صحيفة ومحطة وموقعًا نحن بحجم وطن نحمل همومه وهموم أهله نبكي معهم ونضحك معهم نحمل صوتهم ووجعهم ونقف حيث تريد الحقيقة ولن ترهبنا محطة من هنا ومقال من هناك وصوت نشاز لا يعرف النشيد الوطني اللبناني وسنبقى دائمًا على العهد قائلين: كلنا للوطن.
إذا كنتم “حزب الله” فنحن صوت الله .




