المهدئات في مواجهة التهديدات

جملة من المهدّئات يتم نثرها في الفضاء السياسي والإعلامي اللبناني كأنها حقائق مطمئنة، لكن الحقائق الفعلية تأتي من تل أبيب، حيث تتكثف الرسائل وتتصاعد النبرات العسكرية والسياسية في آن. طبيعة التهديدات الإسرائيلية لا تحتمل المزاح ولا التسويات الموقتة، ومع ذلك، يواصل اللبنانيون تدوير الزوايا وتضليل أنفسهم بشعارات الصمود والتهدئة، وكأن الإنكار يمكن أن يؤجل الاستحقاق أو يبدّل في النتائج.

منذ أسابيع، تزداد المؤشرات على أن الجنوب اللبناني يقف على حافة اختبار كبير، وأن الوقت المتاح أمام الدولة والقوى السياسية بات ضيقًا. ومع ذلك، تتواصل حملات التطمين وتبادل الاتهامات الداخلية، في حين تترقب الدوائر الدولية مسار ما يُسمى «تنظيف الجنوب» من أي وجود مسلح شمال الليطاني، وهو الاستحقاق الذي يفترض أن يُستكمل قبل نهاية العام. كل التبريرات اللوجستية التي تُساق لتبرير التأخير لم تعد تقنع أحدًا، فالمطلوب تنفيذ القرار، ولو بتكبير المهمات أو تصعيب التنفيذ، طالما أن سقف الضغط الدولي يرتفع يومًا بعد يوم.

وفي الوقت الذي يشيع فيه بعض السياسيين أجواء عن زيارة مرتقبة للموفد الأميركي توم براك، تُظهر المعطيات أن هذه الزيارة قد لا تأتي أساسًا، أو قد تأتي في توقيت مختلف وبمضمون أكثر صرامة. فالمسألة لم تعد مرتبطة بلقاءات استكشافية، بل بقرارات حاسمة تتخذ في واشنطن وتل أبيب، وتُترجم ميدانيًا إذا ما استمر لبنان في سياسة المماطلة والتأجيل.

في البيت الأبيض، ثمّة من يراقب المشهد اللبناني بدقة، ويستعد لإعطاء الضوء الأخضر إذا ما تمادى لبنان في التمييع، خصوصًا أن الإدارة الأميركية لم تعد ترى فائدة في حوارات بلا نتائج. الرسائل الدبلوماسية وصلت، والتحذيرات سُمعت، لكن لبنان ما زال يتعامل معها بمزيج من اللامبالاة والرهان على الوقت.

المهدئات لا تصنع استقرارًا، والتهديدات لا تُواجه بالخطابات. ما ينتظر لبنان في الأسابيع المقبلة يتجاوز الحسابات الصغيرة، ويحتاج إلى قرار وطني واقعي يوازن بين السيادة والمسؤولية، قبل أن تفرض الحقائق الإسرائيلية نفسها بالقوة.

المهدئات في مواجهة التهديدات .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...