من الحرب إلى السلام فالإعمار

لقد رحّبنا بإيجابية وتفاؤل بإنهاء حرب غزة الكارثية، بعد سنتَين من الدمار الشامل. ونتمنّى مشروعاً مستداماً للسلام، على المدى القصير، المتوسط والبعيد، في كل المنطقة الشرق الأوسطية. فما التداعيات الإقتصادية؟ وما هو مشروع إعادة الإعمار والإنماء المنتظر؟

من بعد الحروب، نُبلسم الجروح ونبدأ بإعادة الإعمار، لذا نتمنّى إعادة الإعمار هذه المرّة على أسس متينة وصلبة، وأن تحوم حمائم السلام حول هذه المنطقة الخصبة. فإعادة إعمار غزة ستبدأ بإعادة إعمار البنى التحتية، وهي الطرق، المستشفيات، الجامعات، الكهرباء، المياه وغيرها والمدمّرة بنسبة تفوق 75% بحسب المنظمات الدولية.

أمّا بالنسبة إلى إقتصاد غزة فقد إنهار منذ بداية الحرب بأكثر من 80% من الناتج المحلي، فإعادة إعمار الإقتصاد الفلسطيني ستحتاج إلى إعادة القطاع الخاص وخصوصاً تمويله. لكنّ السؤال الكبير، هل سنشهد تمويلاً ودعماً حقيقياً للإقتصاد الفلسطيني، أم أنّ هناك أجندات مبطنة ومخفية ستدفع الشركات إلى الترحيل نحو بلدان مجاورة، لأنّ لم يكن لديها الإمكانية حيال إعادة العمل؟

إنّ المنظمات الدولية تتوقع وتترقّب الإنماء بين 5% و7% في قطاع غزة المدمّر، لكنّ إعادة الإحياء ستكون مشروطة بالتمويل والأموال التي ستتدفّق في كل القطاعات. فعملية إعادة الإعمار ستتعدّى كلفتها نحو 25 مليار دولار، بحسب المنظمات الدولية.

عملية إعادة بناء الإقتصاد ستكون بين أيادي المنظمات الدولية والتمويلية وصناديق الدعم والشركات والجمعيات المدنية – NGOs، التي ستكون اليد القوية والأساسية لإعادة البناء، وإعادة الإنماء، لكن بشروط صارمة ودقيقة.

فمن بَعد هذه الحرب والدمار الذي لحق به، وصلت نسبة الفقر في قطاع غزة إلى أكثر من 75% من الشعب والعائلات، وانهارت الأوضاع المعيشية إلى ما تحت القعر. فإعادة إحياء هذا الشعب المنهار والمذلول، ستكون بين أيادي القرارات الإقليمية والدولية.

السؤال الكبير المطروح الذي لا إجابات عنه، هل هناك رغبة حقيقية لتمكين وبقاء هذا الشعب على أرضه؟ أم أنّ هناك إتفاقاً مبطّناً ونية مبيّتة لتهجيره رويداً رويداً، بخطة منظّمة وراء الستارة؟

أمّا من جهة الإقتصاد الإسرائيلي، وبحسب المنظمات الدولية، فقد كلّفت الحرب ما يقارب 70 مليار دولار، ولا شك في أنّهم يتّكلون على اللوبي اليهودي الدولي لإعادة التمويل والإنماء. فإقتصادهم سيتّكل على الذكاء الإصطناعي والتكنولوجيا، وسيجهدون لإعادة بناء قطاعهم السياحي من بَعد سنتَين من الجمود التام.

في المحصّلة، نأمل في أن تصل حمائم السلام إلى بلادنا أيضاً، عوضاً من أن تتغيّر إتجاهات المدافع والغارات. إنّنا على مفترق طرق، إمّا أن ندخل موجة وقف إطلاق النار والحرب، وإما أن نختار صفحة الحروب المدمّرة من دون أفق ولا رؤية ولا نتيجة، حيث يدفع ثمنها الأبرياء، فنذهب من دمار إلى آخر، من دون أي رؤية لإعادة الإعمار أو حتى لسلامة شعبنا وبلادنا.

من الحرب إلى السلام فالإعمار .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...