لبنان يرفض الخضوع لصندوق النقد؟

فيما يُفترض أن يكون تركيز الحكومة على إنجاز مشروع قانون معالجة الفجوة المالية بما يتيح إطلاق مسار الإصلاح المصرفي تمهيداً لإعادة انتظام العمل المصرفي حتى يواكب النشاط الاقتصادي المنتظر، لا يبدو أن هذا المشروع سيسلك طريقه بسهولة، على الرغم من أهمية القانون وأولويته.

فالخلاف الأساسي الذي يعوق التقدم المفترض على هذا المسار لا يزال قائماً في ظل العجز عن التوصل إلى صيغة مقبولة تراعي مصالح المودعين ولا تؤدي إلى مزيد من الاقتطاع من الودائع بعد ستة أعوام على نشوب الأزمة المصرفية.

والواقع أن تأخر صدور هذا القانون يعرقل تنفيذ قانون الإصلاح المصرفي الذي أقر أخيراً وشكل خطوة إصلاحية منتظرة بعدما ارتبط تنفيذه بإقرار قانون الفجوة. وعلى رغم المواقف التي أطلقها القيمون على السلطة المالية ولا سيما وزير المال ياسين جابر في لبنان ومن واشنطن على هامش محادثات الوفد اللبناني مع مسؤولي صندوق النقد الدولي، وفيها توقعات إنجاز المشروع قبل نهاية السنة، تركت الملاحظات التي وضعها الصندوق على قانون الإصلاح المصرفي انطباعاً مؤداه أن هذا القانون لن ينفذ قبل إدخال التعديلات التي طالب بها الصندوق.

في المعلومات التي حصلت عليها “النهار” أن لبنان ليس في وارد الاستجابة لطلب الصندوق، وأن التعديلات المطلوبة ليست أساسية، بل هي طفيفة ولا تستدعي أي تعديل، كما أن القانون قد صدر وجاء قرار مجلس الشورى بعدم إعادة النظر فيه، الأمر الذي أكده رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبرهيم كنعان لـ”النهار”، بقوله إن مطالب الصندوق ليست منزلة وإن القانون صدر ولن يخضع للتعديل.

 

هذا الأمر يقود إلى التساؤل عن توجهات الصندوق وما إذا كانت التعديلات التي يطالب بها مجدية أو أنها تدخل في إطار سياسة الصندوق الراهنة والرامية إلى تأخير مسار السير ببرنامج مع لبنان، بسبب الشروط السياسية التي تلقي بثقلها على أداء الصندوق حيال لبنان، الأمر الذي لمسه الوفد اللبناني خلال المحادثات في واشنطن، إذ جاءت غالبية الملاحظات تقنية وتفصيلية ويمكن تجاوزها إذا توافر قرار السير بالبرنامج.

 

ما يفعله الصندوق حيال قانون الإصلاح المصرفي كان فعله سابقا مع قانون تعديل السرية المصرفية. وكانت التجربة مسيئة للبنان، إذ “أُنزلت” التعديلات التي طالب بها الصندوق على النواب خلال جلسة نيابية. وأرسلت عبر “الواتساب” إلى مكتب رئاسة المجلس وإلى عدد من النواب. وبالفعل تم تبنيها. لكن الفرق بين الأمس واليوم أن التعديلات طُلبت خلال مناقشة المشروع، أما اليوم فقانون الإصلاح المصرفي صدر، وسيكون محرجاً وربما مذلاً للمجلس أن ينصاع للصندوق، على نحو يمس سيادته في عمله التشريعي، ولا يغير في واقع القانون شيئاً إلا تأخير مسار إقرار قانون الفجوة واستعادة الودائع!

لبنان يرفض الخضوع لصندوق النقد؟ .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...