عون يدعو إلى مفاوضاتٍ مع إسرائيل «لحلّ المشاكل العالقة»

– ترامب: إدارتي تدعم الرئيس اللبناني بمهمّته لنزع سلاح كتائب حزب الله الإرهابية وهو يقوم بعمل جيد جداً
– «حزب الله» الذي كان خنجراً مصلتا لوقت طويل على حنجرة إسرائيل تم تدميره في شكل كامل

«… لا يمكن أن نكون خارج المَسار القائم في المنطقة، وهو مسار«تسوية الأزمات»والتفاوض (…) ويجب ألا نُعاكِسَه»، و«سبق للدولة اللبنانية أن تَفاوضتْ مع إسرائيل برعاية واشنطن والأمم المتحدة، ما أسفر عن اتفاق ترسيم الحدود البحرية فما الذي يمنع أن يتكرر الأمر نفسه لإيجاد حلول للمشاكل العالقة، ولا سيما أن الحرب لم تؤد الى نتيجة (…) أما شكل هذا التفاوض فيُحدَّد في حينه».

موقف بارز ومتقدّم أطلقه الرئيس اللبناني العماد جوزف عون، اليوم الإثنين، وعَكَسَ الحرصَ على رَبْطَ «بلاد الأرز» بما يَشهده الشرق الأوسط من عملية إعادة تشكيل على قاعدتيْ «إرساء السلام والاستقرار».

واكتسب الموقفُ الذي أطلقه الرئيس اللبناني خلال استقباله جمعية الإعلاميين الاقتصاديين، أهمّيته لأنه أتى على وَقْعِ بلْورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كلمته أمام الكنيست قبل مشاركته في «قمة السلام» التاريخية في شرم الشيخ، رؤيته للمنطقة التي ترتكز على أن «عصراً ذهبياً ينتظرها وإسرائيل»، وأن العالم اليوم يشهد «فجراً تاريخياً لشرق أوسط جديد».

وفي «مواقف الساعة» في الكنيست تطرّق ترامب إلى الملف اللبناني، قائلاً «حزب الله الذي كان خنجراً مصلتا لوقت طويل على حنجرة إسرائيل تم تدميره في شكل كامل، وإدارتي تدعم في شكل فاعل الرئيس اللبناني الجديد في مهمّته لنزع سلاح كتائب حزب الله الإرهابية على نحو دائم، وهو يقوم بعمل جيد جداً، وبناء دولة مزدهرة تعيش في سلام مع جيرانها. وأنتم تؤيدون ذلك في شدة، أعرف ذلك، وثمة أشياء جيدة حقاً تحصل هناك».

وحضر لبنان أيضاً في معرض حديث ترامب في نهاية خطابه الذي استمر 60 دقيقة ونيف، عن «المستقبل الأكثر إشراقاً لكل المنطقة الذي هو في متناولنا»، إذ قال «سنشقّ مستقبلاً يكون جديراً بإرثنا، ونصنع غداً تفتخر به كل شعوب المنطقة»، مضيفاً «روابط جديدة من الصداقة والتعاون والتجارة ستجمع بين تل أبيب ودبي، بين حيفا وبيروت، القدس ودمشق، من إسرائيل إلى مصر، من السعودية إلى قطر، من الهند الى باكستان (…)».

وتم التعاطي مع مواقف ترامب في ما خصّ لبنان، وتحديداً اعتباره ضمناً معالجة مسألة سلاح «حزب الله» الممرَّ لولوج بلاد الأرز «الشرق الجديد» وإشادته بما يقوم به عون، بوصْفها أشبه بـ «فرصةٍ» ممنوحةٍ لإنجازِ مهمّة سَحْبِ السلاح بسرعةٍ يَفرضها واقعياً المسار المتسارع الذي يشكّل الرئيسُ الأميركي رافعتَه «شخصياً» في ملف غزة وعلى قاعدة أنه القاطرةُ لطيّ صفحة الحروب في المنطقة وأن مَن لا يلحق بـ «القطار السريع» سيبقى خارجه.

واعتُبر هذا الموقف الذي جاء على وهْج «طبول السلام» التي طبعت خطاب ترامب أمام الكنيست وصولاً إلى تَوَجُّهه إلى بنيامين نتنياهو بأنك «لم تَعُد في الحرب»، بمثابةِ إشارةٍ إلى أن مَخاطر حرب وشيكة على لبنان تجعله «التالي» بعد غزة تَراجَعَتْ أو أقلّه أن حساباتها باتت أكثر تعقيداً بالنسبة إلى إسرائيل التي قيّدها الرئيس الأميركي بأنه «حان وقت قطف ثمار ما تحقق» وبعضُه أقرب إلى «المعجزة والمستحيل»، وإن كان أرفق «استراتيجيّته» بتأكيد فاعليةِ «السلام من خلال القوة» ودعوة إيران «التي منعْناها بـ«مطرقة منتصف الليل»من امتلاك سلاح نووي»، إلى «وقف دعم الإرهاب وتمويل وكلائها» ولإقرار بأن «مَن يريدون تدمير إسرائيل محكومون بالخسارة»، وصولاً إلى إعلان «جاهزون لصفقة مع إيران عندما يكونون حاضرين لها، وهم يريدونها (…)».

التفاوض

من هنا، بدا لبنان أمام اختبارِ إتمامِ ما عليه في ملفّ السلاح الذي تناوله عون، بالتوازي مع الدعوةِ لتَفاوُضٍ مع إسرائيل برعاية أميركية وأممية بما يُخْرِج بيروت من «مَقاعد المتفرّجين» ويحاول إرساء إطارٍ شامل لمعالجة قضية السلاح على أن يكون المدخلُ وقف إسرائيل اعتداءاتها.

وفي تفاصيل مواقف عون، أنه قال رداً على سؤال حول الوضع الراهن في المنطقة وانعكاساته على الوضع اللبناني: «الوضع السائد في المنطقة الآن والمسار الذي تمر فيه، يدل على صوابية قراراتنا وتوجهاتنا. فالأمور تسير نحو التفاوض لإرساء السلام والاستقرار وهي تعطي نتائج، لذلك نقول دائماً إنه بالحوار والتفاوض يمكن الوصول إلى حلول، ولا يمكن أن نكون نحن خارج المسار القائم في المنطقة، وهو مسار«تسوية الأزمات»ولابد أن نكون من ضمنه، إذ لم يعد بالإمكان تحمل المزيد من الحرب والدمار والقتل والتهجير».

وأكد أنه «سبق للدولة اللبنانية أن تفاوضت مع إسرائيل برعاية أميركية والأمم المتحدة، ما أسفر عن اتفاق لترسيم الحدود البحرية تم الإعلان عنه من مقر قيادة«اليونيفيل»في الناقورة. فما الذي يمنع أن يتكرر الأمر نفسه لايجاد حلول للمشاكل العالقة، ولا سيما أن الحرب لم تؤدِ الى نتيجة. فإسرائيل ذهبت الى التفاوض مع حركة«حماس»لأنه لم يعد لها خيار آخَر بعدما جربت الحرب والدمار. واليوم الجو العام هو جو تسويات ولابد من التفاوض، أما شكل هذا التفاوض فيحدد في حينه».

وعن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على لبنان، قال عون «إسرائيل مستمرة في توجيه الرسائل العسكرية والدموية للضغط علينا، ولعل قصف الجرافات وآليات الحفر في المصيلح يوم السبت خير دليل على السياسة العدوانية الإسرائيلية المستمرة ضد لبنان، في وقت تَقيد لبنان بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في نوفمبر الماضي، وطالبنا مراراً بتدخل أميركي وفرنسي لكنها لم تتجاوب. الآن نأمل أن نصل إلى وقت تلتزم فيه إسرائيل وقف العمليات العسكرية ضد لبنان، ويبدأ مسار التفاوض لأن هذا المسار الذي نراه في المنطقة يجب ألا نعاكسه».

وعن مسألة حصر السلاح، أعلن أن «السلاح ليس الأساس. بل النية في استعماله هي الأساس، ذلك أن الذخيرة مثل الدواء لها عمر وفاعلية، ومتى تجاوزت العمر المقدر لها تصبح خطرة على من يقتنيها»، وأضاف: «المهم هو نزع وظيفة السلاح، وهذه مسألة تأخذ وقتاً وليس على قاعدة«كوني فكانت». الجيش يقوم منذ اتفاق نوفمبر الماضي بدوره في جنوب الليطاني، وعدد الشهداء الذين سقطوا في صفوفه بلغ 12 شهيداً حتى اليوم بينهم خبراء متفجرات، ناهيك عن المهمات الموكلة إليه خارج جنوب الليطاني لاسيما على الحدود الشمالية والشرقية والحدود البحرية ومكافحة التهريب والمخدرات وحفظ الأمن وغيرها. ورغم ذلك تم في جنوب الليطاني،«تنظيف»من 80 إلى 85 في المئة من الأراضي. لكن لا يمكن تحديد وقت لأن مساحة الجنوب واسعة، وفيه أودية وأحراج وتلال وغير ذلك، إضافة إلى ضرورة أن نأخذ في الاعتبار حالة الطقس مع اقتراب فصل الشتاء، ولا ننسى أيضاً الوجود الفلسطيني الذي تتعامل معه الدولة والجيش على حد سواء، خصوصاً مع بدء عمليات تسليم الأسلحة في عدد من المخيمات الفلسطينية (…)».

المساعدات الأميركية

ونفى عون أن تكون المساعدات التي وافق عليها الكونغرس الأميركي والتي تبلغ 190 مليون دولار للجيش و40 مليون دولار لقوى الأمن الداخلي، مرتبطة بمسألة سحب السلاح، وقال «تبلغت من أعضاء الكونغرس الذين التقيت بهم في نيويورك ولاسيما السيناتور جاين شاهين ان هذه المبالغ رصدت، وعلى وزارتي الدفاع والداخلية في لبنان أن تحددا الحاجات ويتم رفع لائحة بها، وبعد الموافقة عليها يتم تصنيعها وتُرسل الآليات والمعدات إلى لبنان. لا مساعدات مالية بالمعنى المباشر، بل شراء أسلحة وآليات وتجهيزات تسلم إلى الجيش وقوى الأمن. وأننا نراهن على انعقاد المؤتمر الذي سيخصص لدعم الجيش والقوات المسلحة الذي لم يحدد مكانه بعد. لكن الثابت هو وجود قرار بمساعدة الجيش وهناك تقدير كبير لدوره وللمهام التي يقوم بها».

عون يدعو إلى مفاوضاتٍ مع إسرائيل «لحلّ المشاكل العالقة» .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...