في مساء أثقل من المتوقع على وقع الوعود الكبيرة، شهدت العاصمة بيروت انطلاق الدورة الخامسة والعشرين من مهرجان الموريكس دور” في كازينو لبنان، تحت شعار “25 عامًا، فجر جديد… مستقبل مشرق”.”
لكن ماذا لو نظرنا خلف البهرجة والزخرفة، لنرى أن الحدث ضمّ بين لمعانه بعض السلبيات التي لا يمكن تجاهلها، حتى إذا حاولت اللجنة المنظمة أن تُطفئها ببريق الحدث المنتظر.
من اللحظة الأولى، بدا أن الحفل ارتدى ثوب مهرجان أحد الأزمنة الجميلة أكثر مما كان تجديديا، فغرق في الدوران في أجواء الحنين والنسخ والتكرار.
استخدام مذيع روبوت كان فكرة جريئة ومبهرة من الناحية التقنية، ومن الممكن أن تكون لمسة عصرية، إلا أنها بدت في أجزاء كثيرة من الحفل كأنها إضافة مزعجة لا اكثر.
الإيقاع البطيء للحفل، الفترات الفاصلة الطويلة بين الفقرات، الانتظار الذي لا ضرورة له، كلها جعلت من الأمسية تُشعر الحضور وكأنها أكبر من قدرها الزمني أو أنها لم تُنفّذ بخطة واضحة من حيث تتابع الفقرات.
ولا بد من التطرّق إلى مقدم الحفل الممثل وسام حنا، الذي كثيرًا ما يُربط اسمه ببرامج ترفيهية أو مسابقات، لكن في المرات التي يظهر فيها في مناسبات فنية كهذه، لم يستطع الخروج من عباءة برنامج “حسابك عنا”. يبدو أن خبرة العرض المباشر وإدارة الحفل لا تزال تحتاج إلى صقل وتدريب، خصوصًا عندما يُركّب الحفلُ على مفترق بين الرغبة في التجديد وبين الحفاظ على تقاليد المهرجان.
وبالرغم من أن اللجنة أعدّت مفاجآت، وتنويعات في الفقرات، فإن ما رأيناه كان بعيدًا عن التنظيم المتقن الذي يُنتظر من مهرجان بهذا الحجم:
-فترات التأخير في بدء بعض الفقرات، فواصل موسيقية امتدت أكثر من اللازم، هدوء مشوّش بين فقرة وأخرى، وأحيانًا تداخلات غير مبرّرة في الصوت أو الإضاءة.
-الانطباع بأن بعض عناصر الحفل كانت تُدار “تلقائيًا” دون تتابع تنظيمي محكم: من استقبال النجوم على السجادة الحمراء حتى الدقائق الأخيرة قبل توزيع الجوائز.
عندما أعلن المنظمون عن الاحتفال باليوبيل الفضي للمهرجان، تحدثوا عن “فجر جديد ومستقبل مشرق”، وعن تجديدات من حيث التصميم والمسار، والإضاءة، والعروض.
لكن ما شاهده الجمهور كان مزيجًا من القديم والجديد، حيث جاء التجديد بشكل ظاهري أكثر منه جوهري.ّ
الدورة الخامسة والعشرون من “الموريكس دور” كانت مناسبة تحتفي بعراقة المهرجان، وبلمسة وفاء للأسماء الكبيرة، وبحضور عربي مميز. لكنها أيضًا كشفت أن التحدي ليس فقط في الاستمرارية، بل في القدرة على التجديد الحقيقي، والتحسين في التفاصيل التي تُحدّد الفرق بين “حفلة جميلة” و”حفلة تُحفر في الذاكرة”.
إن “الموريكس دور” أمام مفترق مهم: هل يستمر في إعادة إنتاج جماليات الماضي، أم يُقدّم رؤى جديدة، أسرع، أقوى، أكثر جرأة، مع احترام للتراث؟ الجمهور يستحق أن يرى هذه الانطلاقة الجديدة كما يُعلن عنها، ليس فقط في الشعارات والتصميم، بل في الأداء والتنظيم والنبض الذي لا يُمكن أن يطفئه الانتظار أو فجوات الفقرات.