يعلن لبنان مع نهاية هذا العام إتمام المرحلة الأولى من عمليّة حصر السلاح، عبر “تنظيف” منطقة جنوب الليطاني من أيّ وجود عسكري لـ “حزب الله”. وسيوثّق الجيش هذه المرحلة في عرض مفصّل لكل ما قام به، وللأسلحة التي صادرها والأنفاق التي أقفلها. وسيوافق المجتمع الدولي على صدقيّة التقرير الذي سيُقدّم، تمهيداً لافتتاح المرحلة الثانية انطلاقاً من شمال النهر.
حتّى أنّ الإعلام الإسرائيلي نفسه أشار إلى أن معلومات قُدّمت للأميركيين من الجانب اللبناني، تتحدث عن إمكان تنفيذ نزع سلاح يشمل ما يقارب 80% من منطقة جنوب الليطاني.
وأعلن رئيس الحكومة نوّاف سلام بدوره أنّ الدولة اللبنانية مستعدة للبدء بالمرحلة الثانية، استناداً إلى الخطّة التي أعدّها الجيش اللبناني بناء على تكليف من الحكومة. وأوضح أنّ المرحلة الثانية ستكون بين ضفّتي نهر الليطاني جنوباً ونهر الأوّلي شمالاً، فيما ستكون المرحلة الثالثة في بيروت وجبل لبنان، ثم الرابعة في البقاع، وبعدها بقيّة المناطق.
ولكن ما لم يقله سلام، هو كيفية تطبيق المراحل المقبلة، مع رفض “الحزب” المطلق لذلك، على أساس تفسيره الخاص لاتّفاق وقف النار، والذي يشمل، حسب رؤيته، جنوب الليطاني فقط.
هنا، تكثر التكهّنات والسيناريوات. ولكنّ السيناتور الأميركي الجمهوري ليندسي غراهام قال في شكل واضح: “إذا لم يقم “حزب الله” بتسليم سلاحه، كما طلبت منه الحكومة اللبنانية، ضمن مهلة محدّدة في وقت ما من العام المقبل، فإننا نملك خطّة عسكرية بالتعاون مع إسرائيل، وبالتنسيق مع الجيش اللبناني، للتدخّل ونزع السلاح منه. وأنا لا أتحدّث عن إرسال قوات برّية، بل عن الانخراط عبر استخدام القوّة الجوية الأميركية، كما فعلنا مع إيران”.
وستتّضح الصورة أكثر بعد اللقاء الذي سيُعقد في البيت الأبيض في 29 من الشهر الحالي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي سيعرض خططاً لشنّ ضربات محتملة جديدة ضد إيران، وسيطرح، بحسب قناة NBC NEWS، خيارات لانضمام الولايات المتحدة إلى أيّ عمليات عسكرية جديدة، أو تقديم دعم مباشر لإسرائيل.
ويحمل نتنياهو معه ملفاً استخباراتياً شاملاً، في محاولة لدفع ترامب نحو اتخاذ خطوات عملية ضد إيران، قد تشمل تنفيذ هجوم عسكري جديد. وأشارت صحيفة “إسرائيل اليوم” إلى أنّ الملف الاستخباراتي سيركّز على معطيات تتعلّق بتجديد البرنامج النووي الإيراني، وتوسيع برنامج الصواريخ الباليستية، إلى جانب نشاط الحرس الثوري الإيراني ودوره في دعم حلفاء طهران في المنطقة وتمويلهم. إذ إنّ التصوّر لدى تل أبيب، حسب الصحيفة، هو أن إسقاط النظام الإيراني يشكّّل الحلّ الجذري لإنهاء الحروب والتوتّرات الإقليمية، وليس الاكتفاء بسياسات الاحتواء أو الضربات المحدودة.
وانطلاقاً من هذه الصورة، من المرجّح أن يكون العام 2026 حاسماً، لجهة إنهاء ملفّ سلاح “حزب الله”، والعمل أيضاً على الخطّ الإيراني، للحدّ من دور طهران النووي المحتمل، ودورها الإقليمي عبر دعم حلفاء لها في المنطقة.
وتقول مصادر في واشنطن إنّ الإدارة الأميركية مصرّة على الانتهاء من حصر السلاح في لبنان في الأشهر المقبلة. وتميل لاتّخاذ قرار يقوم على التدخّل المباشر، أو على إعطاء الدور الأخضر لإسرائيل لإتمام المهمّة، في حال فشل المحاولات التي تقوم بها الحكومة اللبنانية.
ولن تتهاون واشنطن في ملف “حزب الله”، ولن تعطي المزيد من المهل الطويلة. ولديها وسائل كثيرة للضغط، تبدأ من العقوبات إلى التضييق الاقتصادي، وتنتهي بالضربات العسكرية. كما أنّ المفاوضات الجارية في الناقورة بين لبنان وإسرائيل في إطار لجنة الميكانيزم، ستشكّل أداة ضغط إضافية من أجل الانتهاء من نزع السلاح، تمهيداً للتوصّل إلى اتّفاقية أمنيّة على الأقلّ في الوقت الراهن.
عمليّاً، ليس لبنان هو من يقوم بسحب السلاح، وإن كان التنفيذ بيد الجيش اللبناني. لكن الضغط الإسرائيلي المستمر عبر العمليات اليومية والتهديد بحرب كبيرة، إضافة إلى الضغوط الأميركية المباشرة، هي التي أدّت إلى إتمام المهمّة في شكل جيّد جنوب الليطاني. وهذه السياسة ستستمر، بل ستزداد دفعاً في المرحلة المقبلة. وفيما أصبحت إسرائيل تسيطر أمنياً في شكل كامل على جنوب النهر، ستنتقل إلى العمليّات الموازية شماله، لدفع السلاح بعيداً عن حدودها. وهناك ترجيح كبير لأن تنفّذ ضربة جديدة ضدّ إيران للتسريع في تبديل المشهد.
خاص – أولوية إسرائيل في 2026: الحرب على إيران .






