“لاآت الحزب الرئاسية”… ماذا بعدها؟!

في كتاب الحزب رسالة ذات مغزى إلى “الأخ الأكبر” الرئيس نبيه بري، وكأنّ “الحزب” أراد أن يضعَ الرؤساء الثلاثة على المستوى ذاتِه في تحمّل المسؤولية، وأنّ الرئيس بري لم يعد في هذه الحال الشقّ الثاني في “الثنائية” بل الشريك في السلطة الرسمية.

 

بعد أقلّ من عشرين يومًا، تحلّ الذكرى السنوية الأولى لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله (عبر الحكومة اللبنانية) وبين إسرائيل.
على مدى أحد عشر شهرًا، بقي موقف حزب الله رماديًا في ما يتعلّق بتسليم السلاح، لكن في حقيقة هذا الموقف، لم يكن مرتاحًا إلى أن يسلّم سلاحه، وكان يقول ذلك بطريقةٍ غير مباشرة.

وفي موضوع لا يقلّ أهميةً عن السلاح، أي التفاوض، كان الحزب رافضًا لهذا الطرح، لكنّه لم يكن يجهر بهذا الموقف باعتبار أنّه من السابق لأوانه الحديث في هذا الموضوع، إلى أن يُطرح فعليًا.

فجأة، طُرِح الملفان في آنٍ واحدٍ، في توقيتٍ اعتبره حزب الله مُريبًا: التفاوض المباشر، وتسليم السلاح مع انتهاء المدّة المعطاة أي آخر هذه السنة. وهنا بدأت تساؤلاته، ومنها: لماذا في هذا الوقت بالذات؟

كتاب حزب الله إلى الرؤساء الثلاثة لا يبدو مبسّطًا على الإطلاق، إذ يصفه خبراء بأنّ له أبعادًا سياسية تتداخل فيها الضغوطُ الخارجية مع الضغوط الداخلية، ومحورها: مَن يتّخذ القرار؟ حزب الله يتذرّع بأنّ اتفاق وقف إطلاق النار غير مُطبّق من جانب إسرائيل، وإسرائيل تعتبر أنّ مجرد أن يُبقي حزب الله سلاحه معه، فهذا أكبر دليل على أنّه لا يزال غير مطبّقٍ للاتفاق.
إذًا البلد في دوّامة لا فكاك منها، وفي هذه الحال من المراوحة، لا يبدو أن الأفق واضح، بل على العكس من ذلك، هناك غيوم داكنة سوداء تتجمّع في سماء السياسة اللبنانية. فالدولة، ممثلةً برئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، قالت إنّ لا خيار أمام لبنان سوى التفاوض، فجاء الجواب من حزب الله أنّ التفاوض هو انزلاق، وهذا يعني أن الحزب اتخذ القرار برفض التفاوض. وعلى الأرجح، القرار جاء من طهران وليس من الضاحية الجنوبية لبيروت، وكأنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقول لواشنطن ومن ورائها إسرائيل: “تكلّموا معي”، وموضوع الكلام بالتأكيد هو الملف النووي الإيراني، لكن لا واشنطن تُعطي الأولوية لهذا الملف، ولا حتى إسرائيل.

في هذه الحال، يكون الوضع اللبناني عالقًا عند الرفض الإيراني واللّامبالاة الأميركية والإسرائيلية.

وفي كتاب حزب الله رسالة ذات مغزى إلى “الأخ الأكبر” الرئيس نبيه بري، وكأنّ “حزب الله” أراد أن يضعَ الرؤساء الثلاثة على المستوى ذاتِه في تحمّل المسؤولية، وأنّ الرئيس بري لم يعد في هذه الحال الشقّ الثاني في “الثنائية” بل الشريك في السلطة الرسمية، فهل هو مجرّد غمز من حارة حريك إلى عين التينة؟

وفي المُحصلة، يمكن اعتبار أنّ الرسالة هي بمثابة تحذير أو ربط نزاع بين الحزب والدولة، وأنّ الحزب يريد أن يحافظ على “شدّ العصب” لدى بيئته.
لكن على الرغم من وضوح الرسالة، فإنّ حزب الله يبدو من خلالها أنّ أفقه مقفَل وليس ما يُؤشِّر في المدى المنظور إلى أنّه سيخرج بسهولة من هذا المأزق، على الرغم من الإيحاء بأنّه أعاد ترميم نفسه، ومقولة إعادة الترميم هي سيف ذو حدّين، ففي حدّه الأول رفعٌ لمعنويات بيئة حزب الله، لكنّ في حدّه الثاني ذريعة لإسرائيل لتُكمل ضرباتها.

في الخُلاصة، ما بعد “اللاآت” أسوأ ممّا قبلها.

“لاآت الحزب الرئاسية”… ماذا بعدها؟! .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...