كيف سيواجه الرئيس بري الأكثرية النيابية والوزارية؟

الظاهر أن الرقم 7 يعمل لغير صالح القوى السياسية، التي تعارض مبدأ حقّ المغتربين بالمشاركة في اختيار نوابهم الـ 128، كلٌ في دائرة نفوسه. فالنواب الذين يؤيدون هذا الحق عددهم 67، أي الأكثرية النيابية. أمّا الوزراء الذين وافقوا على تعليق العمل بالمادة 112 كما حصل في دورتي 2018 و2022 فعددهم 17، أي الأكثرية الوزارية. وإذا أُعطي هذان العددان لأي تلميذ في الصفوف الابتدائية في محاولة لاختبار “شطارته” في العمليات الحسابية المبسطة، لخلُص إلى الاستنتاج الطبيعي والمنطقي والعلمي، أي أن عدد 67 هو أكبر من عدد 61، وأن عدد 17 هو أيضًا أكبر من عدد 5. وهذه العملية الحسابية المبسطّة وغير المعقدّة، والتي لا تحتاج إلى خبراء في علم الرياضيات، تقود حتمًا إلى الجزم بأن أكثرية اللبنانيين، في الداخل وفي الخارج، ليست مع تعليق المادة 112 من القانون الانتخابي الحالي فحسب، بل مع الغائها كليًا، وبالتالي مع تكريس حق المغتربين بأن يصوتوا لنوابهم الـ 128 مثلهم مثل أي لبناني مقيم، وهذا ما ينصّ عليه الدستور، الذي لا يميّز بين اللبنانيين المفترض أن يكونوا متساوين من حيث الحقوق والواجبات.

لكن هذه الأكثرية النيابية والوزارية لن تُترجم على أرض الواقع التشريعي ما دام الرئيس نبيه برّي مصرًّا على موقفه، وهو الذي يملك مفاتيح مجلس النواب، ولن يمرّ مشروع قانون الحكومة على جدول أعمال أول جلسة للهيئة العامة للمجلس النيابي، من دون موافقته على إدراجه على جدول الأعمال، خصوصًا أن لديه كامل الصلاحيات الواردة في النظام الداخلي، التي تسمح له بإدراج ما يراه مناسبًا، ووفق استنسابية مطلقة، في حجب أي مشروع أو اقتراح قانون، أيًّا كانت صفته، على جدول أعمال الهيئة العامة، في دورتي مجلس النواب العادية والاستثنائية.
وهذا الاصرار من قِبل الرئيس بري يقابله نوع من “الاستشراس” من قِبل “القوات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية” و”والحزب الديمقراطي الاشتر اكي” وعدد كبير من النواب المستقلين. وهذا يعني أن المعركة السياسية ستكون حامية، أقّله من ساعة الموافقة الحكومية على تعليق المادة 112 لمرة واحدة حتى العشرين من الشهر الجاري، موعد انتهاء مهلة تسجيل المغتربين أسماءهم ليتسنى لهم الاقتراع، باعتبار أن طلب الحكومة تمديد هذه المهلة حتى نهاية السنة مرتبط حصرًا بطرح المشروع على الهيئة العامة لمجلس النواب لمناقشته والتصويت عليه.

فما بين تمسّك وزراء “القوات” بالنص الذي أعدّه وزيرا الداخلية والخارجية واللجنة الوزارية، والذي يضمن تصويت اللبنانيين المنتشرين في دول الاغتراب لمرشحي دوائرهم الأم، مع تمديد مهلة التسجيل، ورفضهم إسقاط تصويت المغتربين في الخارج، واعتبارهم أن أي صيغة تنتقص من هذا الحق غير مقبولة، وأن التصويت من بلدان الانتشار حق ثابت لا تراجع عن، وبين من فضّل اعتماد صيغة “أفضل الممكن” تم اعتماد الصيغة “الأفضل” نسبيًا.
إلاّ أن ربط توقيت إرسال مشروع القانون إلى الأمانة العامة لمجلس بإنتهاء اللجنة الفرعية المنبثقة من اللجنة الفرعية النيابية المكلّفة دراسة اقتراحات قوانين الانتخابات ومجلس الشيوخ، قد أثار حفيظة القوى السياسية التي تعارض هذا التوجّه، وذلك لعملها اليقين بأن اللجان هي مقبرة المشاريع، خصوصًا أن ليس أمام هذه اللجنة سوى ثلاثة عشر يومًا فقط، أي لغاية 20 الشهر الجاري، وهي مهلة غير كافية لإنجاز المطلوب من هذه اللجنة، التي تحتاج إلى أكثر من هذا الوقت في حال كانت هناك إرادة سياسية للتوصل إلى التوافق على ما يمكن من شأنه إنهاء هذه المشكلة المستعصية. فإذا وجدت هذه الإرادة فإن المطلوب من وزارتي الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين تعديل مواقيت تسجيل المغتربين أسماءهم حتى نهاية السنة، بحيث يصبح هناك إمكانية البحث الجدّي في هذه اللجنة قبل إحالة مشروع قانون الحكومة إلى مجلس النواب.
في المقابل فإن الرئيس بري، الذي يعمل ببرودة أعصاب مع هذه المشكلة، سيمتحن الأكثرية النيابية المطالبة بتعديل المادة 112 مرّة جديدة عندما يحدّد موعدًا جديدًا لجلسة تشريعية يكون جدول أعمالها محصورًا بمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة، وذلك بعد تحويله إلى الهيئة العامة الوارد من لجنة المال والموازنة.
واستنادًا إلى تصريحات سابقة لعدد كبير من هذه الأكثرية النيابية فإن الاتجاه بالمشاركة في هذه الجلسات هو قرار متخذ سلفًا، إذ لا جدال فيه.
أمّا بالنسبة إلى حجج معارضي حق المغتربين فإن عمدة مدينة نيويورك الجديد زهران ممداني قد أسقط أول حجّة.

كيف سيواجه الرئيس بري الأكثرية النيابية والوزارية؟ .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...