علمت “النهار” أن بعض صناديق تحصيل فواتير الهاتف الثابت والإنترنت التابعة للمديرية العامة للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات وهيئة “أوجيرو”، تلجأ إلى قبض الفواتير بالدولار الأميركي، في مخالفة واضحة للقوانين المالية المرعية.
وبحسب شكاوى وشهادات لعدد من المشتركين، فإن عددا من صناديق الجباية المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية، بما فيها بيروت الكبرى، تعرض على المواطنين خيار تسديد الفواتير نقدا بالدولار الأميركي. ويحدد أمناء الصناديق سعر صرف خاصا بهم، يختلف عن السعر الرسمي المعتمد من مصرف لبنان، في خطوة تفتح الباب أمام أرباح غير مشروعة.
وتشير المعلومات إلى أن سعر الصرف المعتمد في بعض هذه الصناديق، مثل تلك الموجودة في الأشرفية، والجديدة، وبئر حسن، والحازمية، ورأس النبع، وطرابلس، وشتورة، وزحلة، هو نحو 88 ألف ليرة للدولار الواحد، بدلا من 89.500 ليرة، ما يتيح فارق ربح كبير. وتشير مصادر متابعة إلى أن هذا الفارق قد يؤدي إلى تحقيق أرباح تصل إلى8,300 دولار شهريا في صندوق واحد فقط.
مصادر في وزارة الاتصالات تحدثت إلى “النهار” عن “تجاهل ممنهج للأنظمة المالية”، مؤكدة أن عدداً من صناديق الجباية لا يخضع فعليا لأي رقابة دورية. وتبرر جهات معنية هذه الممارسات بحجج تقنية، كارتفاع كلفة التشغيل أو نقص السيولة بالليرة اللبنانية، لكن تلك التبريرات لا تلغي مخالفة القانون الذي ينص بوضوح على أن الليرة اللبنانية هي وسيلة الدفع القانونية الوحيدة في جميع المعاملات الرسمية.
ووفق متابعين، تتمثل خطورة هذه الممارسات في أنها لا تقتصر على خرق القوانين المالية، بل تفتح الباب أمام شبكات مالية غير شفافة تربط بعض أمناء الصناديق بصرافين ومؤسسات مالية خاصة، ما يحوّل مكاتب الجباية العامة إلى أدوات في السوق السوداء لتجارة الدولار، ويكرس نمطا جديداً من الفساد المؤسسي.
يذكر أن مؤسسة كهرباء لبنان، بدأت بعد استشارة مجلس شورى الدولة، بإدراج قيمة الفواتير بالعملتين اللبنانية والدولار الأميركي وفق السعر الرسمي، مبررة ذلك بالحاجة إلى تسديد كلفة الفيول بالدولار. كذلك تعتمد شركتا الخليوي النظام نفسه، بحيث تصدر الفواتير بالدولار وتقبض قيمتها بالليرة أو بالدولار وفق السعر الرسمي المحدد بـ89,500 ليرة.
ويبقى السؤال: من يراقب صناديق قبض الفواتير في المديرية العامة للاستثمار والصيانة؟ وهل المبالغ المحصلة بالدولار قانونية؟ أو أن البلاد أمام فضيحة مالية جديدة تُضاف إلى سجل طويل من الهدر في قطاع الاتصالات؟
“النهار” حاولت الاتصال بالمدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات المهندس باسل الأيوبي للحصول على تعليق رسمي، ولكن من دون أي جواب.
فواتير الهاتف الثابت بالدولار على سعر 88 ألف ليرة! .





