بعد 5 أشهر من تصريح وزير الداخلية الكويتيّ الشيخ فهد يوسف السعود الصباح من بيروت بأن لا تساهل مع أيّ نشاط لـ”الحزب” في الكويت، أعلن جهاز أمن الدولة الكويتي “ضبط شبكة تمويل تنتمي إلى حزب محظور”، وتوقيف 4 أشخاص.
لم يُسمِّ البيان الرسمي الصادر عن الداخليّة الكويتيّة الحزب، ولم يذكر جنسيّات الموقوفين، لكنّ مصادر كويتيّة مطّلعة جزمت لـ”أساس” أنّ المقصود هو “الحزب” اللبناني، وأنّ “القضية كبيرة”، وأنّ الموقوفين لبنانيّون وكويتيّون.
في إعلان ما يزال صداه يتردّد في الكويت، كشفت وزارة الداخلية، في بيان مساء الخميس الماضي، أنّه “في إطار الجهود الأمنيّة الحثيثة لحماية أمن البلاد وصون استقرارها، تمكّنت الأجهزة الأمنيّة ممثّلة بجهاز أمن الدولة من ضبط شبكة تمويل إرهابيّة منتمية إلى حزب محظور يستهدف النيل من أمن دولة الكويت وزعزعة نظامها العامّ”.
أضاف البيان: “كشفت التحرّيات الأمنيّة الدقيقة عن قيام المتّهمين بتهريب الأدوية والأموال إلى خارج البلاد، بغرض دعم وتمويل ذلك الحزب الإرهابيّ، وأسفرت عمليّات المتابعة والرصد الميدانيّ المكثّفة عن ضبط عدد من المتّهمين، والعثور على أدلّة ومضبوطات تؤكّد تورّطهم في أنشطة تمويليّة مشبوهة، إضافةً إلى تسهيل عمل إحدى الصيدليّات داخل مستشفى خاصّ في دولة الكويت لخدمة أغراض الحزب”.
أجهزة وأدوية وأموال
لم تذكر الداخلية الكويتية أسماء المتّهمين أو اسم المستشفى المقصود، بل اكتفت بنشر فيديو للمداهمة أثناء توقيف المتّهمين، وردت فيه صور أربعة متّهمين وهم معصوبو الأعين وبملابس السجن.
كشفت مصادر كويتيّة مطّلعة لـ “أساس” أنّ المتّهمين الموقوفين هم اللبناني “أ.ن” والكويتيون “ط.ج” و”خ.ج” و”ص.ق”، وأنّ التحقيقات ما تزال جارية ومكثّفة بالنظر إلى تعقيدات الملفّ، وسط معلومات لم تتأكّد رسميّاً عن توقيف آخرين، وملاحقة لبنانيَيْن اثنين موجودَين في بيروت حاليّاً.
ترتبط التهم بإدارة “أنشطة مشبوهة من خلال تمويل وتوريد أجهزة طبّية وأدوية ومستلزمات لخدمة الحزب، مباشرة أو عبر دولة ثالثة، علاوة على شبهات لها علاقة بحركة الأموال بين الكويت ولبنان”.
المستشفى المقصود، بحسب معلومات المصادر، هو مستشفى كبير في الكويت يعود تاريخ تأسيسه إلى الستّينيّات، وتوسّع على مراحل مطلع التسعينيّات وفي مرحلة ما بعد 2003 وصولاً إلى بداية العقد الثاني من الألفيّة عندما انضمّ إليه اللبناني “أ.ن” وحقّق معه نجاحات كبيرة في الإدارة والتوسّع، ليصبح واحداً من أهم المستشفيات في الكويت.
أوضحت المصادر أنّ الأجهزة الأمنيّة تفرض سرّية كبيرة على التحقيقات، بالنظر إلى تعقيدات الملفّ، مشيرة إلى أنّ التحرّيات مكثّفة وسيتمّ فيها التعاون مع لبنان، بالنظر إلى وجود العديد من اللبنانيّين الذين تحوم حولهم الشبهات.
مع الإعلان الرسميّ لـ”الشبكة” الذي صدم الأوساط الكويتيّة، استرجع كثيرون تصريحات وزير الداخلية الكويتي التي أدلى بها بعد لقائه الرئيس اللبناني جوزف عون أثناء زيارته بيروت منتصف شهر أيّار الماضي، وأبدى فيها حزماً حيال أيّ نشاط لـ”الحزب” في الكويت بقوله ردّاً على أحد الأسئلة: “لن أسمح بأيّ تجاوز من أيّ إنسان أو أيّ حزب موجود في الكويت. ونحن في الكويت أساساً ممنوع عندنا أيّ حزب”.
لا تسامح مع التّطرّف
بدا واضحاً أنّ هذا الحزم نتاج قرار من الحكومة الكويتيّة بعدم التهاون مع أيّ تطرّف، سواء كان شيعيّاً أم سُنّيّاً. ففي قرار قبل إعلان الشبكة بيومين، حظرت وزارة التربية جميع الأنشطة والفعّاليات السياسية والدينية والحزبيّة في المدارس، وقرّرت “منع إقامة أيّ مسابقات أو فعّاليّات أو أنشطة أو منافسات تدعو إلى التعصّب الديني أو السياسي، أو تثير الطائفية أو الحزبية”، وشدّدت على “إقامة الأنشطة والفعّاليّات التي تدعم العمليّة التعليمية والتربويّة، وتنمية مواهب وقدرات المتعلّمين في المدارس”.
صدر القرار بعدما أمر وزير التربية الكويتي سيّد جلال عبدالمحسن الطبطبائي بإيقاف مسؤولي مدارس ثانويّة أقاموا فعّاليّات سياسية، خلال الأنشطة المدرسيّة. وجرى فتح تحقيق تربويّ – أمنيّ عاجل “في واقعتين تتعلّقان بتنظيم أنشطة مدرسيّة مخالفة للّوائح والتعليمات المنظِّمة للأنشطة التربويّة”.
تتعلّق الواقعة الأولى بإقامة حفل للكويتيّين الثلاثة المشاركين في “أسطول الحرّية” الذي كان يهدف لكسر الحصار على قطاع غزّة، والثانية بفعّاليّة شهدت كلمات وخطابات تحريضيّة ومشاهد شارك فيها طلّاب وهم ملثّمون، في محاكاة للعمل الفلسطيني المسلح ضد الاحتلال.
لا يتعلق الأمر بموقف مُسبق من المقاومة الفلسطينية، فالكويت من أكثر الدول الداعمة للحقوق الفلسطينية بالموقف السياسي والحراك العربي – الدولي، وجسر المساعدات الجوي إلى غزة مازال قائماً منذ أشهر، حيث تصل المساعدات إلى مصر والأردن، ومنهما تدخل إلى القطاع، عبر جمعيات فلسطينية ومصرية وأردنية.
وضعت الأجهزة الأمنيّة يدها أيضاً على هذه القضيّة، وتمّ توقيف عدد من مسؤولي المدارس الكويتيّين وغير الكويتيّين، لا سيما أنّها مدارس حكوميّة، وهناك شبهات في وجود أيادٍ “إخوانيّة” في مثل هذه الأنشطة.
أكّدت مصادر مواكبة أنّ الحكومة الكويتية لا تتسامح مع أيّ محاولات لغسل أدمغة طلبة المدارس وزرع أفكار حزبيّة في رؤوسهم، وتريد أن تبقى المدارس ضمن وظيفتها الأكاديمية والتربويّة التي تقضي بتخريج أجيال بعيدة عن التعصّب والطائفيّة.
شبكة طبّيّة لتمويل “الحزب” في الكويت؟ .




