عشية زيارة يعتزم القيام بها الموفد السعودي يزيد بن فرحان لبيروت، نشرت صحيفة عكاظ السعودية مقالاً عنوانه “رسالة من لبنان: البحر مش كويس يا ريس” تضمن انتقاداً للسلطة السياسية وتقاعسها عن اتخاذ الخطوات العملية لتطبيق قرار الحكومة بحصرية السلاح بيد الدولة تنفيذاً لاتفاق الطائف وخطاب القسم والبيان الوزاري وقرارات الشرعية الدولية والعربية. وسأل “كيف يمكن الحديث عن حكومة مستقلة قادرة على فرض سيادتها على كامل أراضيها، بينما هناك قوة عسكرية خارج سلطة الدولة؟ مؤكداً ان “لا يزال لبنان بعيداً عن مبدأ “دولة واحدة وجيش واحد”، وهو المبدأ الذي لا يمكن لأي دولة أن تستقر دونه.” ولم يغفل الغمز من القناة الرئاسية اذ افتتح بالاشارة الى ان “أمام رئيس لبنان الجديد، الرئيس جوزيف عون، تحديات معقدة تتجاوز حدود الطموحات والأحلام. فبينما يحاول أن يقدّم نفسه بوصفه رجل المرحلة والإنقاذ، يبدو الطريق إلى الإصلاح شديد الوعورة.”
وفيما تحدث عن ان التصريحات المتفائلة بالتغيير السريع لا تقترن بالوقائع، اشار الى ان “لبنان امام خيارين واضحين الأول، طريق التنمية والانفتاح وهو النموذج الذي جسّده رفيق الحريري، والثاني الانغلاق تحت مظلة حزب الله، الذي جعل لبنان معزولاً عن محيطه العربي والدولي”، مشدداً على “ان المجتمع الدولي والممولين العرب أوضحوا رسالتهم: لن يكون هناك دعم لدولة يظل فيها حزب الله دولة داخل الدولة”.
قد لا يحمل جديداً في ما يتصل برؤية المملكة للبنان ورغبتها في عودته “عروس الشرق” كما وصفه الكاتب، بيد انه يعكس حكماً حقيقة الموقف السعودي ودول الخليج عموماً وسائر الدول الراغبة في المساعدة، الا انها تنتظر خطوات عملية وجدية من الدولة والعهد الجديد الذي لا يعيد بناء الدولة بالطموحات والاحلام. وتبعاً لذلك، كيف ينعقد مؤتمر الدعم الذي تُعدّ له وتَعِد به فرنسا، ليس واحداً بل اثنين، ذلك ان الاخر سيخصص لدعم المؤسسة العسكرية.
تقول اوساط دبلوماسية لـ”المركزية” ان جان ايف لودريان موفد الرئيس ايمانويل ماكرون الى لبنان، سيزور السعودية في محاولة لاقناع المسؤولين، على الاقل، بضرورة رعاية المؤتمر الدولي في الرياض لمساعدة الجيش ليتمكن من القيام بالمهام الموكلة اليه وتطبيق قرار الحكومة بحصرية السلاح، وان غياب الدعم عن الجيش سيعرقل مهمته ويترك الساحة مُشَرعة امام حزب الله، وهو ما لا تريده لا المملكة ولا فرنسا ولا أي من الدول المهتمة بلبنان. وتكشف ان الرئيس ماكرون تواصل مع ولي العهد الاميرمحمد بن سلمان لهذه الغاية، فيما ينقل بن فرحان اثر زيارته لبيروت في الايام المقبلة حقيقة المساعي التي تبذلها الدولة والجيش لحصر السلاح ومصير الطرح الاميركي للتفاوض مع اسرائيل عبر توسيع لجنة “الميكانيزم” وتطعيمها بمدنيين، كأفضل الحلول المتوافرة راهناً.
وتوازياً، يجهد الوسيط المصري، من ضمن توافق بين اعضاء اللجنة الخماسية بما فيها السعودية، على خط إرساء حل يكفل عدم انفجار البركان الاسرائيلي الهائج في وجه لبنان، إن استمر في المماطلة في مجال حصر السلاح، علّه ينجح، عبر وساطة برعاية خماسية، كما نجح في غزة مع الشقيق القطري والتركي، في فرض الحل، اذا لمس استعدادا لبنانياً رسمياً جدياً. الا ان الاوساط تبدي شكوكاً في بلوغ وساطة كهذه خواتيمها المرجوّة ، باعتبار ان واقع لبنان يختلف عن غزة، فهو دولة لها مصالح وعلاقات وخصوصيات وليست تنظيما مسلحاً، كما ان الدولة ترفع البطاقة الحمراء في وجه اي خطوة قد تمسّ بالسلم الاهلي، فيما حزب الله يتمسك بالورقة هذه ويوظفها في مجال عدم تسليم السلاح. على اي حال هو لا يملك القرار، فالكلمة الفصل في ايران، وهناك يجب البحث عنها.
رسالة سعودية الى لبنان تستبق زيارة بن فرحان .




