يشهد العالم موجة صعود لليمين المتطرّف في جميع القارات، خصوصاً في أوروبا، أميركا، وحتى آسيا وإفريقيا. فما تداعيات هذا التحوُّل السياسي على الإقتصاد العالمي؟
لا شك في أنّنا نشهد تغيُّرات سياسية دولية، وتقدّماً زاحفاً من اليمين المتطرّف وأحزابه إنتخابياً، ونلاحظ أنّ المواطنين من معظم أنحاء العالم يتّجهون نحو خيار اليمين المتطرّف، جرّاء اليأس وفشل الأحزاب والسياسات القديمة، فيُراهنون على تغيير جذري في السياسات المحلية والدولية. لذا فإنّ اليمين المتطرّف يكسب الأرض، وسيحكم ويرسم خارطة الإقتصاد الجديد. فماذا ستكون الإنعكاسات والتداعيات الإقتصادية؟
أولاً: نتّجه نحو الخروج من العولمة المفرطة، ونذهب من جديد إلى عالم الحمائية – The world of protectionism، أي التقَوقُع، والسياسة الإقتصادية الحمائية التي تُقيّد الإستيراد لحماية الإنتاج الوطني، وزيادة التعريفات الجمركية وحصص الإستيراد. فالسياسات الإقتصادية الجديدة تفرض قيوداً على السلع المستوردة، لحماية الصناعات المحلية والمنافسة الدولية.
ثانياً: إنّ وصول اليمين المتطرّف سيُجمّد ويشلّ ثقة المستثمر والإستثمارات، على المدى القصير، وسيحدّ من قدرة الذين ينتظرون نتائج ورؤية السياسات الجديدة، فالمستثمرون سيلجأون إلى استثمارات الملاذ الآمن مثل المعادن وخصوصاً الذهب، والعقارات المميّزة وغيرها في هذا الجو الضبابي المتغيّر والمتجدّد.
ثالثاً: إنّ السياسة الإستثمارية لليمين المتطرّف، ستكون سياسة إستثمارية بالأسلحة والتكنولوجيا والذكاء الإصطناعي، وستلجأ إلى ضخ العملات، وزيادة الدين العام، ممّا سيؤدّي إلى تفاقم التضخُّم وحتى احتمال الوصول إلى التضخُّم المفرط.
رابعاً: إنّ سياسة اليمين المتطرّف، ستكون مبنية على الحدّ من الهجرة والضغوط على تأشيرات السفر، ممّا يؤدّي إلى تقليص عدد المسافرين من هذه البلدان وإليها، وخفض التبادل التجاري والإستثماري.
في المحصّلة، إنّه واقع جديد بأنّ اليمين المتطرّف يتقدّم في كل أنحاء العالم، وسنشهد سياسة دولية وإقتصادية جديدة، مع تغيُّرات جذرية في كل الإتفاقات الماضية، فالتداعيات على المدى القريب ستكون الإتجاه إلى عالم الحمائية، تجميد الإستثمارات الإنمائية، زيادة التضخُّم وخفض قيمة العملات.
أمّا على المدى المتوسط والبعيد، فهناك علامات استفهام كثيرة لا نستطيع أن نتوقع حدوثها في هذا الجوّ التغييري والضبابي.



