سيواصل لبنانيّون كثيرون تكرار السؤال نفسه، لأسابيع إضافيّة: “في حرب؟”. يعني ذلك أنّ اندلاع الحرب مستبعد قبل نهاية العام الجاري، ربطاً بالمهلة الممنوحة للجيش اللبناني لإنجاز عمليّة حصريّة السلاح جنوب الليطاني.
يكشف مصدر غربي أنّ “الحرب بالمفهوم التقليدي مستبعدة تماماً، لأنّها تحتاج الى فريقَين لخوضها، بينما سيكون حزب الله عاجزاً عن مقاومة إسرائيل في حال صعّدت عمليّاتها العسكريّة ضدّه”.
وأشار المصدر الى أنّ “مماطلة لبنان الرسمي كانت مفهومة في البداية لاعتباراتٍ داخليّة، لكنّها استمرّت طويلاً ما بات يهدّد بردّة فعل إسرائيليّة عنيفة تعمل الولايات المتحدة الأميركيّة على تأجيلها، وليس إلغاءها، ما سيجعلها حتميّة إن لم نشهد مبادرة لبنانيّة إنقاذيّة”.
وتلتقي هذه التحذيرات التي تبلّغها لبنان عبر أكثر من مصدر مع كلامٍ مباشر ردّده رئيس الجمهوريّة جوزاف عون على مسمع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، كما نقله مراراً مستشاره العميد المتقاعد اندريه رحال الى مسؤولين في “الحزب”، وتضمّن تحذيراً من الذهاب إلى الانتحار والتسبّب بحربٍ مدمّرة وإضعاف الموقف اللبناني في أي عمليّة تفاوض في المستقبل.
وفي حين يستبعد الرئيس عون اندلاع الحرب، يعترف في لقاءاته بأنّ نيّات رئيس الحكومة الإسرائيليّة لا يمكن التنبّؤ بها وقد يذهب الى الخيار العسكري فيدفع لبنان، وليس فقط حزب الله، ثمناً كبيراً.
وفي انتظار موعد إنجاز المرحلة الأولى من مهمّة الجيش جنوباً، قد نشهد ارتفاعاً في وتيرة التصعيد الإسرائيلي عبر عمليّات اغتيال قد لا تبقى محصورة في الجنوب والبقاع بل تشمل بيروت والضاحية الجنوبيّة، علماً أنّ دائرة حركة المسؤولين العسكريّين الجدد في حزب الله باتت محدودة وقد قُتل منهم العشرات في الأسابيع الأخيرة، وقد لا يكون مسؤولون غير عسكريّين بمنأى عن الاستهداف إذا رغب الإسرائيليّون بالتصعيد في المستقبل القريب، كعامل ضغطٍ على الحكومة و”الحزب”.
ويشير المصدر الى أنّ قراءة بعض المواقف الأميركيّة والإسرائيليّة تظهر أنّ هامش التمييز بين الموقف اللبناني الرسمي وموقف حزب الله بدأ يضيق، وهنا مكمن الخطورة الأكبر، ويعني أنّ الضغوطات قد لا تشمل “الحزب” فقط، إلا في حال شهدنا موقفاً رسميّاً متقدّماً من مسألة السلاح والتفاوض المباشر، وهو أمرٌ متوقّع من رئيس الجمهوريّة هذا الشهر.
يبدو لبنان، وفق المعلومات، أمام مرحلة سنشهد فيها تصعيداً في التهديدات، من دون أن تبلغ حدّ المواجهة الكبرى المستبعدة قبل مطلع العام المقبل. في الانتظار، سيقدّم قائد الجيش تقريره الثاني عن مهامه في الجنوب لمجلس الوزراء يوم الخميس، وسيركّز على أنّ الاحتلال الإسرائيلي يشكّل عائقاً أمامه. ويُتوقّع أن يصل الى لبنان السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى، فور انتهاء الإقفال الحكومي الأميركي، ليدشّن مرحلةً جديدة من الخطوات الأميركيّة المتشدّدة تجاه حزب الله قد تشمل لاحقاً حلفاء “الحزب” في الانتخابات النيابيّة المقبلة، لمزيدٍ من محاصرته. والأهمّ أنّ لبنان الرسمي سيكون محرجاً إن استمرّ في التموضع بين مطرقة التهديدات الأميركيّة – الإسرائيليّة وسندان موقف حزب الله المتعنّت.
لا مخرج في الأفق إلا إن استؤنف التفاوض الأميركي الإيراني…
تصعيدٌ منتظر ومطلع ٢٠٢٦ حاسم: حلفاء “الحزب” في مرمى التهديد… ومَخرجٌ وحيد .


															

