تردُّد لبنان في حصْر السلاح يجعله «على الطاولة» لا… حولها

– قطر تؤكد مواصلة وقوفها إلى جانب المؤسسات والجيش والشعب اللبناني

أطفأتْ «حربُ إسنادِ» غزة التي أَطْلَقَها «حزب الله» في 8 أكتوبر 2023 عامَها الثاني، اليوم الأربعاء، على وقعِ وقوف القطاعِ أمام فرصةٍ أخيرة لإنهاء «المحرقة» التي فتَكَتْ بأبنائه، في حربِ إبادةٍ جَماعية «مكتملة المواصفات»، وإلا مواجهةِ سيناريو «المعركة الأخيرة» التي باتت محكومة بسقوفٍ – تهديدات لـ «حماس» لا تحتمل خياراتٍ رماديةَ وصيغت بلغةِ «الإبادة الكاملة» و«الجحيم غير المسبوق».

وفيما كانت كل العيون على شرم الشيخ والمفاوضاتِ المكوكية التي رمى فيها الوسطاء «متعددو الجنسية» ثِقْلَهم لإنجازِ تفاهُم على المرحلة الأولى من خطةِ الرئيس دونالد ترامب بما يتيح إقلاعَ «قطار حلّ» يُراد أن يكون دائماً ويؤسّس لسلامٍ في المنطقة، تراجعتْ في لبنان العناوين السياسية نسبياً تحت وطأة أكثر من «جردةِ حسابٍ» لِما حققتْه «حربُ المشاغَلة».

 

وإذ ارتسمتْ مَلامِحُ مواكَبةٍ متعدّدة البُعد لمسارِ شرم الشيخ عبّر عنها الكشفُ عن الاجتماع العربي الأوروبي الموازي الذي يُعقد اليوم في باريس لتأطير «اليوم التالي» بعد انتهاء الحرب ولا سيما إنشاء بعثة الاستقرار في غزة، لم تتفاجأ أوساط مطلعة في بيروت بالغياب الكامل للبنان عن حلقة الدول المُساهِمة في المناقشاتِ حول ليس فقط مستقبل القطاع بل المنطقة برمّتها، رغم انخراط عدد من العواصم العربية فيها.

وترى هذه الأوساط أن لبنان بات في «غرفة انتظارٍ» ثقيلٍ ويُخشى أن يكون «مُكْلِفاً، بعدما سَلَّمَ عملياً بإبطاءِ مَسار سَحْبِ سلاح «حزب الله» بعدما تشابكتْ فيه مقتضياتُ حِفْظِ السلم الأهلي وتَرَقُّب ما سيكون على «الجبهة الأمّ» علّ ذلك يوفّر على «بلاد الأرز» حرباً جديدة اسرائيلية أو صِداماً داخلياً، بحال سلكت تسوية غزة طريقَها واعتمد الحزب تبعاً لذلك الواقعيةَ في مقاربة ملف سلاحه ومستقبله.

وتلفت إلى أن لبنان الذي بات في ما يشبه وحدةَ المسارِ والمصير مع غزة منذ أن كانت «الطلقةُ الأولى» من الحزب عبر الجنوب، فوّتَ منذ إعلان اتفاق وقف النار في 27 نوفمبر 2024، فرصةَ معالجة سلاح الحزب على «توقيت بيروت» ومَصلحتها العليا بفعل طغيانِ امتداده الإيراني، إلى جانب استفادة اسرائيل من تردُّد السلطات اللبنانية بدايةً في وضع يدها على قضية السلاح بذريعة أو أخرى.

وتَعتبر أنه رغم تاريخية قرار سَحْبِ سلاح الحزب الذي اتخذتْه حكومة الرئيس نواف سلام (5 أغسطس)، فإن العمليةَ التنفيذيةَ التي أوكلت إلى الجيش اللبناني وبدأت مرحلتها الأولى في 5 سبتمبر جنوب الليطاني (حتى نهاية ديسمبر)، بدتْ محمَّلة بأثقالِ تعقيدات الوضع اللبناني الداخلي والـ لا الحازمة من الحزب برفض تسليم السلاح شمال الليطاني ورهْن ذلك بحوار حول إستراتيجية دفاعية بعد أن تنفّذ إسرائيل اتفاق 27 نوفمبر.

من هنا، تلاحظ الأوساط أن لبنان، المعنيّ مباشرة بقضية فلسطين من منطلقات جغرافية وأمنية وسياسية، وعوضَ أن يكون «حول الطاولات» التي تَبحث مستقبلَ القطاع والمنطقة – لو كان ملف السلاح شهد أفقاً واضحاً باتجاه معالجةٍ تفكّ ارتباطه بحسابات إيران وضروراتِ إدارة مواجهتها التي لم تنتهِ مع الغرب ويُخشى أن تتجدد مع إسرائيل – وَجَد نفسَه أمام مَخاطر أن يوضع «على الطاولة» وفق سيناريو يُخشى أن يكون شبيهاً بما مهّد لـ «حل غزة».

وتشير الأوساطُ نفسُها إلى أن الجِراح البليغة التي أصابتْ الحزب على امتداد حرب الـ 65 يوماً أخرجتْه واقعياً من «دَفّة القيادة» وإن من الخلف للوضع اللبناني، ولكنه مازال يَحتفظ بقدرةٍ على التأثير فيه ولو من «بابٍ تعطيلي» لقضايا – مفاتيح وأهمّها سَحْب سلاحه وفق ما ظهّرتْه التطورات المتعلقة به منذ 5 اغسطس، مروراً بأزمة «صخرة الروشة» وما بعدها، رغم أن ذلك لا يعود لقوّته ووهْجِها بمقدار ما أن مردّه لمراعاةٍ لبنانية لـ «ألغام» داخلية يُراد تَفادي الدوس عليها.

وتقود هذه الصورة إلى المَخاوفِ المتزايدة مما قد يكمن للبنان، في حال «استراح» بنيامين نتنياهو من جبهة غزة، خصوصاً أن أيَّ تجديدٍ للضغط بالنار على «حزب الله» سيكون هذه المرَة محْكوماً بالمسار الذي أَطْلَقَتْه خطةُ ترامب، إذا قُيَّد لها أن تنطلقَ بمرحلتها الأولى، وبأهدافها التي ستكرّس التحولاتِ الجيو – سياسيةَ في المنطقة، بما يَجعل الحزبَ في حال ظهّر نفسَه كعقبةٍ أخيرة أمامها هدفاً «لمرة أخيرةٍ»، وسط اعتقادٍ أن طهران وفي ضوء تجربة غزة وفشلها مع حزب الله بمنْع الكوارث التي حلّتْ بالقطاع وإخراج«حماس»من أي دور لها فيه، لن تكون قادرةً على فرض «مآلات أخرى» على صعيد الحزب هي التي باتت بنفسها «على الخطّ الأمامي» بعد حرب الـ 12 يوماً في يونيو.

وفي هذا الوقت، مضى لبنان الرسمي في توجيه الرسائل الرامية إلى الموازنة بين وجوب التزام إسرائيل بما عليها في اتفاق وقف النار، خصوصاً الانسحاب من التلال التي مازالت تحتلها وإطلاق الأسرى ووقف اعتداءاتها، كي يتسنى للجيش إكمال مهمته جنوب الليطاني والانتقال الى المراحل الأخرى شمال الليطاني.

دعم أوروبي

وفي هذا الإطار، أبلغ رئيس الجمهورية العماد جوزف عون إلى نائب الأمين العام للسلام والأمن والدفاع في جهاز العمل الخارجي الأوروبي CHARLES FRIES خلال استقباله له في قصر بعبدا «ترحيب لبنان بأي دعم يقدمه الاتحاد الأوروبي للجيش والقوات المسلحة اللبنانية لتعزيز دورهم في حفظ الامن والاستقرار على الأراضي اللبنانية كافة».

وأعرب عون عن شكره لما قدمه الاتحاد الأوروبي للبنان في مختلف المجالات، مشدداً على«أن الجيش اللبناني منتشر في كل الأراضي اللبنانية ويقوم بمهام أمنية محددة، إضافة إلى مهمته الأساسية في الجنوب حيث انتشر في جنوب الليطاني باستثناء المناطق التي لاتزال إسرائيل تحتلها خلافاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه في نوفمبر الماضي».

وأضاف:«من هنا فإن لبنان يطالب الدول الصديقة وفي مقدمها دول الاتحاد الأوروبي، بالضغط على إسرائيل كي تنسحب من الأماكن التي تحتلها وتوقف اعتداءاتها اليومية، وتعيد الأسرى اللبنانيين لأنه من دون تحقيق هذه المطالب سيبقى الوضع مضطرباً وتتعثر متابعة تنفيذ مراحل الخطة التي وضعها الجيش لتحقيق حصرية السلاح في يد القوات الامنية الشرعية».

وأكد عون أن التعاون وثيق بين الجيش والقوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل). ومع نهاية السنة سيصبح عديد الجيش اللبناني نحو 10 آلاف عسكري في الجنوب وستكون الحاجة ملحة لتوفير العتاد والاليات والتجهيزات اللأزمة لتمكينهم من القيام بالمهام المطلوبة منهم في تطبيق القرار 1701،معتبراً «ان انتهاء مهمة«اليونيفيل»يجب أن تتم بسلاسة وتنسيق كاملين لضمان الاستقرار في الجنوب».

وإذ طلب من موفد الاتحاد الأوروبي «مشاركة الاتحاد في مراقبة الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في مايو المقبل»، أكد «أن العلاقات اللبنانية – السورية تتطور نحو الأفضل والتنسيق قائم بين سلطات البلدين لمعالجة كل المسائل التي تهمهما وفي طليعتها قضية النازحين السوريين الذين يطالب لبنان بإعادتهم الى بلادهم لأن الظروف التي أدت الى نزوحهم قد زالت ويفترض عودتهم وتقديم المساعدة الأممية لهم في أماكنهم الأساسية».

وكان Fries أكد للرئيس عون استعداد الاتحاد الأوروبي للاستمرار في تقديم المساعدات للبنان في مختلف المجالات «ولا سيما دعم الجيش اللبناني والقوى المسلحة اللبنانية، إضافة الى الدعم الذي يقدمه في ملف النازحين السوريين».

قائد الجيش في الدوحة

في موازاة ذلك، برزت الزيارةُ التي بدأها قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل أمس لدولة قطر وتستمر حتى اليوم بدعوة من رئيس أركان القوات المسلّحة الفريق الركن (طيّار) جاسم بن محمد المناعي، بهدف تعزيز التعاون بين الجيشَين في ظل التحديات الراهنة.

وبحسب بيان صدر عن قيادة الجيش، فقد التقى هيكل رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني (قبل مغادرته الى شرم الشيخ) الذي أكد «مواصلة قطر وقوفها إلى جانب مؤسسات الدولة اللبنانية، والجيش اللبناني، والشعب اللبناني الشقيق، فيما أعرب العماد هيكل عن شكره للدعم القطري على كل المستويات من دون شروط».

كما التقى قائدُ الجيش نائبَ رئيس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع الشيخ سعود بن عبدالرحمن بن حسن آل ثاني، وتناول البحث آخر التطورات في لبنان والمنطقة «والمهمات التي ينفذها الجيش لحفظ أمن لبنان واستقراره في مختلف المناطق اللبنانية، وكذلك مهماته في الجنوب وتعاونه مع«اليونيفيل»، إضافة إلى العمل على تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية».

وكان هيكل استهلّ زيارته بلقاء رئيس أركان القوات القطرية في وزارة الدفاع «حيث أقيمت مراسم استقبال وتشريفات رسمية، ثم جرى التباحث في تطوير التعاون بين جيشَي البلدين على مختلف الصعد، وسبل دعم المؤسسة العسكرية في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان».

السفير الأميركي اللبناني الأصل إلى بيروت نهاية الشهر

صادق مجلس الشيوخ الأميركي على تعيين ميشال عيسى، اللبناني الأصل، سفيراً للولايات المتحدة في بيروت، خلفاً للسفيرة ليزا جونسون، على أن يصل إلى بيروت نهاية أكتوبر الجاري لمباشرة مهامه.

تردُّد لبنان في حصْر السلاح يجعله «على الطاولة» لا… حولها .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...