يكثر الرئيس جوزف عون الحديث هذه الأيام عن ضرورة شق طريق التفاوض مع إسرائيل، من دون التوصل إلى رأي لبناني جامع في هذا الخصوص حتى الآن، مع تشديد تل أبيب، بدعم أميركي، على بت مصير سلاح “حزب الله” وتسليمه قبل نهاية السنة الجارية.
ازدادت الضغوط الأميركية على لبنان في الأيام الأخيرة بعد رسائل نارية أطلقها الموفد توم براك من البحرين ووجه في طياتها جملة من الانتقادات طاولت الحزب ولم توفر الحكومة والجيش ولا عون.
لذلك لم تنضج بعد فكرة التفاوض في بيروت رغم وجود تيار نيابي وسياسي كبير أخذ يردد من اليوم أن لا مفر أمام لبنان من قرع باب المفاوضات مع تل أبيب التي لا تتوقف مع واشنطن عن توجيه رسائل يومية إلى المعنيين في بيروت لنزع سلاح “حزب الله”، ولا تتراجع عن العمل على إرساء اتفاق أمني في وقت لم يعد فيه بنيامين نتنياهو يقبل بالقرار 1701 ولا حتى بـ”الميكانيزم”، علما أن مهمات “اليونيفيل” تنتهي في نهاية 2026.
أين “الثنائي” من التفاوض؟
لا يخفي ثنائي حركة “أمل” و”حزب الله” تحسسه من أي مفاوضات مع إسرائيل جراء حاجز نفسي بنته الأخيرة عند نشأتها عام 1948 .
وإذا كان الرئيسان عون ونواف سلام لا يعارضان حصول مفاوضات، أقله غير مباشرة، فإن الرئيس نبيه بري لا يجاري هذه الموجة. وفي آخر لقاء له مع الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس لم يعترض على إشراك مدنيين تقنيين في لجنة “الميكانيزم”، على أن تبقى برئاسة عسكريين. ولا يزال رئيس المجلس على موقفه هذا، معارضا بشدة مشاركة سياسية في هذا النوع من المفاوضات، بمعنى أنه ضد “وجود وزراء حاليين أو سابقين أو سفراء”.
وعند قبوله بإشراك تقنيين في “الميكانيزم”، يتم التعامل معهم بحسب الحاجة والأهداف المرسومة. ويعطي أمثلة على غرار ما حصل عند ترسيم الخط الأزرق وترسيم المفاوضات البحرية التي شارك فيها تقنيون.
ولوحظ أن بري لم يعلق على التصريحات الأخيرة لبراك في المنامة، بينما قدّم سلفه آموس هوكشتاين كلاما مدروسا في معرض رده على براك، في وقت لم يؤكد الأخير أن إسرائيل تقبل السير بمفاوضات مع لبنان إلا وفق وضعها شروطا مسبقة في بلدات الشريط الحدودي.
توازيا، يجدر التوقف عند “حزب الله” الذي لم يعترض على إشراك تقنيين في “الميكانيزم” بناء على توجه بري، لكنه يطالب قبل هذه التجربة بأن تتزامن مع وقف الأعمال العدائية الإسرائيلية المستمرة التي لم تتوقف عن استهداف كوادر في الحزب وشل الحياة اليومية للجنوبيين الذين يعيشون على وقع اعتداءات مفتوحة، وإن لم تصل إلى حدود حرب كبرى لا يرى “الثنائي” أنها ستقع، أقله في الأيام المقبلة، ولو أن تقارير وصلت إلى وزارة الخارجية مفادها أنه لا يمكن الركون إلى اسرائيل والتعويل على عدم شنها عدوانا كبيرا ضد الحزب .
وفي زحمة التصادم المفتوح بين إسرائيل و”حزب الله”، لم يكن ينقص قواعد الأخير في الضاحية الجنوبية إلا رفع صور عمدة نيويورك الفائز بانتخاباتها زهران ممداني، في دلالة على كباش مفتوح يمتد من أميركا إلى بلدان الإقليم.
بري لا يؤيد مفاوضات أبعد من “الميكانيزم” والحزب ليس على موجة عون وسلام .







