على رغم أن القانون الذي يفترض أن يكون معدّا لتجرى على أساسه الانتخابات النيابية في أيار المقبل لم يُتفق عليه بعد، إذ إن الصراع حوله ما زال قائما بشراسة، من جهة بين فريق “الثنائي الشيعي” و”التيار الوطني الحر” المصرّ على اعتماد القانون النافذ، ومن جهة أخرى فريق “القوات” والكتائب والتغيريين الداعي إلى اعتماد قانون يضمن تصويت المغتربين لـ128 مرشحا من الخارج على غرار ما حصل في الانتخابات الأخيرة، وهو واقع ولّد انطباعا فحواه أن كفتي اجراء الانتخابات وتأجيلها تكادان تكونان متوازيتين، بدأت القوى والمكونات السياسية المعنية تتصرف كأن الاستحقاق سيكون ناجزا. وبذلك تكون قد حصنت نفسها من أي مفاجآت قد تحصل، واستنفرت جمهورها وبيئتها وشدّت العصب، وخصوصا أن كل هذه الأطراف تتعامل مع الاستحقاق المقبل باعتباره “معركة وجودية” يتعين عدم التهاون بها وعدم القبول بموقع المغلوب.
ولا يبدو أن هذا مستغرب، فبين الانتخابات الماضية وتلك المرتقبة طرأت تطورات دراماتيكية، ولا سيما بعد نتائج “حرب إسناد غزة” التي تعدّ مفصلية بين مرحلة لها توازناتها ومعادلاتها ومرحلة اخرى انفتحت أبوابها وتنطوي على توازنات مغايرة، يمكن التأسيس عليها لإرساء أسس معادلة سياسية مختلفة تماما، واستطرادا بناء بلد ودولة بهوية جديدة.
وفي معرض تقييمه لإجراء الانتخابات وكيف سيشاركون فيها، يقول عضو “اللقاء النيابي التشاوري” (يضم أربعة نواب غادروا طوعا أو مطرودين تكتل لبنان القوي) آلان عون لـ”النهار”: “إننا أمام استحقاق انتخابي أساسي، يحمل بتداعياته المحتملة انعكاسا للتحولات التي طرأت أخيرا والتطلعات التي ينتظرها اللبنانيون الذين يجدون فيها فرصة لاختيار من يجسد تلك التحولات وينسجم معها”.
وهل حسم اللقاء تحالفاته في الانتخابات المقبلة؟ يجيب: “نحن منفتحون على تحالفات سياسية تنسجم مع تموضعنا الذي يتيح لنا التعامل مع مختلف القوى السياسية بمرونة كبيرة، ولكن باقتناعات راسخة حول الإصلاح والسيادة، على غرار ما عبّر عنه رئيس الجمهورية في خطاب القسم، وهي اقتناعات لن نتخلى عنها شرطا للتعامل معنا، انسجاما مع هذا الواقع السياسي الذي يميزنا”.
ويضيف: “هذا الكلام ليس من باب إطلاق الشعارات، بل يستند إلى تجربة طويلة بيننا وبين مختلف القوى الأخرى، شهدت على تعاطينا بالكثير من المسؤولية للحفاظ على وحدتنا الوطنية، وفي الوقت نفسه على عنادنا في الشؤون السيادية والإصلاحية، وخصوصا على استقلاليتنا الفكرية وتحررنا من أيّ قيود داخلية أو خارجية تتناقض مع ثوابتنا”.
ويخلص إلى أن “طموحنا هو أن نخوض الانتخابات في إطار من تعاون واسع مع شخصيات وأطراف أخرى في العديد من الدوائر الانتخابية، ولدينا اتصالات وتواصل مع الكثير منها، وستتبلور الصورة في الأسابيع المقبلة”.
ويذكر أن “اللقاء التشاوري” أطلق أول نشاطاته الانتخابية في لقاء متني موسع عقد قبيل أيام بدعوة من عضو اللقاء النائب إبرهيم كنعان.
القوى والكتل تتعامل بجدية مع الاستحقاق الانتخابي… .




