“الاحتشاد” لأكبر معارك لبنان!

“تحتشد” في لبنان، الذي لا يأمن جانب تجدّد حرب إسرائيلية محتملة عليه في أي لحظة، عوامل إذكاء معركة سياسية غير مسبوقة عبر الاستعدادات لاستحقاقه الانتخابي المقبل، الذي سيشكّل بحقّ هذه المرة استحقاقاً فاصلاً حاسماً، لا تقف حدوده عند الإتيان بأكثرية نيابية “كاسرة” لسطوة الثنائي الشيعي الذي تحكّم طويلاً بالقرار السياسي للبلاد، بل تذهب أبعد نحو رسم هوية سياسية مختلفة للدولة برمّتها.

 

والحال أن الانتخابات النيابية في أيار/ مايو المقبل ستكون المصبّ الختامي لكل ما تراكم في لبنان، داخلياً وخارجياً، من تداعيات زلزال سياسيّ غير مسبوق شهده في تاريخ تجاربه حروباً وسلماً، حتى أن كثيراً من هذه الانتخابات قد يذهب في اتجاه التكهّن بمرحلة تأسيسية جديدة في لبنان لا أقلّ. ولعلها ليست مغالاة كبيرة إن بدت هذه الانتخابات بأي صورة نهائية سترسو عليها المعركة النيابية الجارية حالياً لقانون الانتخاب، بعد حسم الخلاف الكبير والانقسام الحادّ حول مسألة أساسية تتصل بانتخابات المغتربين، بمثابة خط بياني مقبل أشبه بما عاشه لبنان من تحولات جذرية في فجر اتفاق الطائف، ولو بظروف منقلبة ومختلفة جداً، في إطلالته على المرحلة التالية والتطورات الانقلابية ذات الطابع الاستثنائي في المنطقة.

 

وإذا كانت التركيبة اللبنانية لا تزال في جوهرها الأساسي تتمحور حول التكوين الطائفي الكاسح، فإن ثلاثة مذاهب طائفية ستحدّد في طليعة الاستحقاق مسار نتائجه الحاسمة، من دون التقليل أبداً من الأهمية الحاسمة التي تنتظر الطوائف الأخرى، وإن بدرجات أقلّ تأثيراً. المقصود بذلك “بالتفصيل الطائفي” المكونات المسيحية والسنية والشيعية في استحقاقات ذاتية من جهة، وعامة وطنية من جهة أخرى.

 

فالمكونات المسيحية، التي أفادت إفادة قصوى من التمثيل النيابي في الدورة السابقة، ستكون هذه المرة أمام ذروة معركة سياسية بين القوى المناوئة لكل ما كان يشكله “محور الممانعة” بقيادة “الحزب” متحالفاً مع التيار العوني المسيحي، الذي يواجه أخطر تراجع محتمل له منذ نشأته فيما تشكل “القوات اللبنانية” رأس حربة نارية صاعدة تعدّ نفسها لنصر غير مسبوق.

 

وأهمية المعركة لا تقف على قطف سباق انتخابي بين القوى المسيحية وحدها، فثمة معركة ليّ ذراع وتهديد فعليّ، للمرة الأولى منذ 34 سنة، بإزاحة رئيس مجلس النواب نبيه بري عن “عرشه” في الرئاسة الثانية، إذا مضت “القوات اللبنانية” نحو ترشيح شيعة في دوائر مختلطة.

 

أما السنة فإنهم أمام صفحة مصيرية بكلّ المعايير، تتوقف على خط فاصل نهائيّ سيحدّده رجل قائد حاضر غائب وبعيد مبتعد منذ سنوات، اسمه سعد الحريري. فالحريرية لا تزال النبض الأقوى لدى المكوّن السنيّ، في حين تتوزع محاولات وراثتها في اتجاهات مختلفة يصعب معها رؤية الخيط الأبيض من الأسود في فوضى سياسية قد تنجم عنها تحالفات محدودة ومبعثرة هنا وهناك، تُبقي الكتلة السنية مشرذمة، ولو كثر الحديث عن تأثير متصاعد للسفارة السعودية في حياكة عمليات تزكية المرشحين وشبك تحالفاتهم.

 

وأما الاستحقاق الأخطر إطلاقاً فهو المتصل بالكتلة الشيعية التي يستأثر الثنائي “أمل” و”الحزب” بتمثيل النواب الـ27 فيها منذ الانتخابات الأولى في عصر الطائف. هذا الاستحقاق المقبل سيكون حاسماً لجهة الرهان على تغيير من داخل الطائفة الشيعية أو سقوط الرهان على رغم أن عواقب عدم التغيير ستكون كارثية لجهة مواجهة أغلبية لبنانية متعددة الطوائف مناهضة تماماً لكلّ ماضي وحاضر وواقع سياسات وارتباطات “الحزب” والثنائي.

 

وأما عن صناعة هوية أخرى بعد الانتخابات فلذلك حديث آخر .

“الاحتشاد” لأكبر معارك لبنان! .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...