هذه المرة في كفرجوز، التي شهدت اعتداء طليقٍ على طليقته وتهديدها بالقتل.
ما زالت هبة بيطار تحت وقع الصدمة، لم تستوعب بعد أن طليقها تهجّم عليها في وضح النهار وهددها بالقتل، فقط لأنها رفعت دعوى “نفقة” عليه ليقدّم مالًا لأولاده الثلاثة، أكبرهم في السابعة عشرة من عمره وأصغرهم في الثامنة.
يوم السبت الفائت، اقتحم طليق هبة سكون نهارها، وكانت تجلس في محلها لبيع الملابس الولادية في محلة كفرجوز، حين دخل عباس ع. إلى المحل شاهرًا مسدسه ومهدّدًا إياها بالقتل إذا لم تسحب الدعوى المقدّمة ضده.
بحرقة تقول هبة لـ “نداء الوطن”: “للأسف، نعيش في غابةٍ القويّ فيها يهدّد ويعتدي على الضعيف من دون محاسبة”.
قبل خمس سنوات، تطلّقت هبة من عباس بعد تعنيفٍ دام أكثر من ستة عشر عامًا، بحسب قولها. في حينه “تنازل عن أولاده لقاء مبلغ من المال، ومنذ ذلك الوقت لم يتعرّف عليهم بقرشٍ واحد، حتى النفقة التي خصّصتها المحكمة الجعفرية آنذاك كانت مئة دولار فقط، واليوم لا تساوي شيئاً”.
تعيش هبة اليوم لحظات مرعبة، تخشى أن يكرّر طليقها فعلته أو أن يقتلها أو يؤذي أحد أولادها.
تُعيد هذه القضية إلى الواجهة مسألة المحاكم الجعفرية وعدم إنصاف المرأة في قضايا الوصاية والنفقة، ومعها مسألة المتابعة الأمنية والقضائية لكل ملف. إذ غالبًا ما يُلاحق “غير المدعوم”، فيما تُلفلف قضايا “المدعومين”، وكأن شيئًا لم يحصل.
القضية لا تتعلق فقط باعتداء فردي، بل تمسّ بمبدأ العدالة والمساءلة. فوفق المادة 573 من قانون العقوبات اللبناني، يعاقَب بالحبس من ثلاث إلى سبع سنوات كل من هدّد غيره بالقتل، وتشدد العقوبة إذا اقترنت التهديدات بسلاح ظاهر. كما تنص المادة 550 على معاقبة من شرع في القتل عمدًا ولو لم تتحقق النتيجة الجرمية.
أما وفق القانون رقم 293/2014 (حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري)، فتهديد الزوج أو الطليق يُعتبر عنفًا أسريًا صريحًا يستوجب تدخل النيابة العامة وإصدار أوامر حماية عاجلة، تتيح منع المعتدي من الاقتراب من الضحية أو التواصل معها تحت طائلة التوقيف الفوري.
تحاول هبة أن تمارس حياتها اليومية رغم القلق، وتقول: “سأتحدى الخوف، وأنتظر أن ينصفني القضاء ويمنحني حقي الشرعي”.
في بلدٍ لم تُنصف فيه المرأة يومًا في المحاكم الجعفرية أو حتى الجزائية، تبرز قضية هبة كواحدة من عشرات النساء اللواتي خذلتهن الأنظمة القضائية، ووجدن أنفسهن أمام خيارين: إما الصمت تحت التهديد، أو المواجهة بوجه منظومةٍ تميّز بين القويّ والضعيف.
اعتداء وتهديد بالقتل في كفرجوز… وكأنها جريمة من فيلم بوليسي .




