إسرائيل تبتزّ لبنان: 6 شروط شرسة أو الحرب

لا توحي الأجواء بالاطمئنان. كل المؤشرات التي ترد إلى لبنان تفيد بأن إسرائيل اتخذت قرارها بالتصعيد. ما بعد المناورات العسكرية المعلنة، تستمر القوات الإسرائيلية في إجراء تدريبات يومية على القتال البري في تضاريس مشابهة للتضاريس اللبنانية. المعارضة الإسرائيلية التي تهاجم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على نحوٍ دائم، أصبحت على اطلاع كامل بتقارير الجيش وأجهزة الاستخبارات حول التحضيرات لتنفيذ العملية العسكرية ضد حزب الله، ومن بين ما يعرضه الإسرائيليون هو تقارير عن إعادة حزب الله لبناء قوته وترميم قدراته العسكرية، هذه التقارير ينقاشها الإسرائيليون مع الأميركيين أيضاً، وتسعى تل أبيب لإقناع واشنطن بالموافقة على إطلاق العملية، في حين أنَّ بعض المعلومات الواردة من العاصمة الأميركية يشير إلى أن المسؤولين يسعون إلى إقناع إسرائيل بعدم التصعيد وإعطاء المجال للمفاوضات. وربما تندرج حملة التسريب والتهديد بالتصعيد في سياق التخويف لدفع لبنان إلى التفاوض بالشروط الإسرائيلية.

ضرب طهران مع الحلفاء.. أم قَبلهم.. أم بَعدهم؟

وفق ما يتسرب أيضاً، فإن الإسرائيليين يطالبون الأميركيين بعدم الوثوق في لبنان، ويحاولون إقناعهم بأنه لا يبدو جدياً لا في المفاوضات ولا في عملية سحب السلاح، وأن بيروت قد تنتهج خيار التفاوض لكسب الوقت وتجنب التصعيد. لكن واشنطن تصرّ على عدم التصعيد وإعطاء المزيد من الوقت، خصوصاً أن ما تركز عليه هو كيفية التعامل مع الملف الإيراني. فإذا لم تصل المفاوضات مع إيران إلى نتيجة، ولم توافق طهران على الشروط الأميركية، فالاتجاه في تل أبيب وواشنطن هو نحو توجيه ضربة قوية ضد إيران. ووفق ما تنقل جهات ديبلوماسية، فإن التحضيرات مستمرة لذلك، والضربة هذه المرة ستؤدي إلى متغيرات كبيرة على المستوى الداخلي الإيراني وعلى مستوى المنطقة. وبين النقاشات التي يجري تداولها بين الطرفين، هي إذا ما سيتم حصر الضربة بإيران وحدها أم تشمل حلفاءها أيضاً، أو أن تُوجَّه الضربة إلى الحلفاء استباقاً لتوجيه الضربة إلى طهران.

سيناريوهات دراماتيكية.. جنوباً وبقاعاً

كذلك يدرس الإسرائيليون كل السيناريوهات المحتملة للتصعيد العسكري ضد حزب الله، وبينها شن عمليات قصف جوي واسعة وسريعة وعنيفة، إضافة إلى تنفيذ عمليات توغل بري بهدف رسم المنطقة العازلة التي يريدونها في الجنوب ويسعون إلى فرضها بالنار. كما أن بعض النقاشات تتركز على البقاع الذي يعتبر الإسرائيليون أن مخزون حزب الله الأساسي من الصواريخ والأسلحة موجود فيه. وهنا تدور تساؤلات كثيرة حول إمكان حصول إنزالات أو عمليات كوموندوس في اتجاه مواقع لا يتمكن سلاح الجو من الوصول إليها لتدميرها.

متى الحرب؟

لبنان جاهز للتفاوض، وهو يريده، ويعتبره الخيار البديل من الحرب. ولكن، حتى الآن، لم تقدم إسرائيل أي جواب في شأن الموافقة على المفاوضات وشكلها، علماً أنها في السابق كانت تتمسك بالدخول في مفاوضات سياسية وعلى مستوى رسمي ووزاري رفيع. وينتظر لبنان مساعي واشنطن والقاهرة وبرلين مع الإسرائيليين للحصول على جواب في شأن التفاوض الذي، إذا انطلق، تريده إسرائيل أن يبقى تحت النار. ووسط هذه الأجواء، يصرّ الإسرائيليون على تسريب معطيات مفادها أن قرارهم بالحرب قد اتخذ، في حين أنَّ السؤال هو: متى يحين موعدها؟ فقد يؤجلونها إلى ما بعد زيارة البابا لاوون، وما بعد تقديم الجيش اللبناني تقريره الثالث إلى الحكومة حول خطته لحصر السلاح في الخامس من كانون الأول المقبل.

استهداف الحشد الشعبي… وفصل البقاع عن الجنوب! 

على الجانب المقابل، هناك استحقاق لا يمكن للبنان أن يغفل عنه، وهو انضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب. وتدور أفكار لدى الأميركيين حول ضرورة توسيعه كي لا يقتصر على تنظيم داعش، وهذا سيشكل تحدياً أكبر أمام الحزب؛ إذ إن ذلك يمكن أن يستخدم لتوجيه ضربات ضد الحزب أو ضد حلفاء آخرين لإيران. وفي هذا السياق، تندرج التحذيرات الأميركية للعراق حول منع أي فصيل من فصائل الحشد الشعبي من القيام بأي تحرك عسكري، في حين هناك رصد لبعض التحركات التي تقوم بها فصائل الحشد في اتجاه الحدود السورية العراقية، وبالتحديد في منطقة القائم. وإذا تحقق هذا السيناريو، فلا بد حينذاك من تركيز النظر على البقاع؛ إذ إن الإسرائيليين سيستغلون توغلهم في الجنوب السوري لأجل تطويق البقاع، وتنفيذ إنزالات فيه لقطع طرق الإمداد عن حزب الله، وحصر الجنوب وفصله عن البقاع فصلاً كاملاً.

سقف لا يمكن للبنان أن يتحمله

يحاول الأميركيون وضع لبنان أمام خيار من اثنين: إما الذهاب إلى المفاوضات ملتزماً كل الشروط  التي تفرضها تل أبيب، وإما التعرض للعملية العسكرية. ولكن إذا نجح لبنان في تجنب التصعيد بسلوك خيار التفاوض، فلا بد من معرفة أن الإسرائيليين سيرفعون سقف مطالبهم إلى أقصاه، وإلى حدود لا يمكن لأحد أن يتوقعها، وهم يريدون:

1-  فرض منطقة خالية من السلاح الثقيل والمتوسط في كل جنوب نهر الأولي.

2- فرض منطقة عازلة على القرى الأمامية بمدى 5 كلم.

3- العودة إلى تنسيق أمني مشابه لاتفاق 17 أيار، وإجراء دوريات أمنية مشتركة مع لبنان أو من خلال التنسيق ضمن مسافة 10 كلم.

4-  إنشاء مجلس مدني يعمل على إدارة شؤون هذه المنطقة التي يراد تحويلها إلى منطقة اقتصادية، وفق المصطلحات الأميركية، وهذا ما يعني تحويلها إلى منطقة استثمار سياحي ومصانع.

5- المطالبة بالوصول إلى اتفاق سلام أو تطبيع أو فتح مكتب تمثيلي في لبنان.

6- لا بد لأيّة مفاوضات أن تشمل لاحقاً ملف الحدود البحرية والتنقيب عن النفط والغاز وكيفية العمل في لبنان على تصدير الغاز المستخرج واحتمال دمجه مع الغاز الإسرائيلي.

وجه المنطقة سيتغيّر

تبدو هذه الشروط التي تُسرَّب، وربما عمداً، صعبة التحقق بالنسبة إلى لبنان. بل يمكن أن تكون عاملاً لتفجير الوضع الداخلي سياسياً، أو حتى عسكرياً. ولكن عندما يستغرب اللبنانيون مثل هذه الطروحات والمواقف، يأتيهم الجواب على لسان أحد المسؤولين الأميركيين بالقول: إن وجه المنطقة سيتغير، وكل التوازنات ستتبدل، وإن ما يجري هو تعبير عما تريده إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وهنا، لا بد من الاستناد إلى ما جرى في غزة، الذي يراد تعميمه على مستوى المنطقة.

إسرائيل تبتزّ لبنان: 6 شروط شرسة أو الحرب .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...