أين الحقيقة في ملف ضباط الأسد اللاجئين إلى لبنان؟

الكلام الذي أطلقه قبيل أيام الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فجأة، وتحدث فيه عن مخاطر كامنة جراء وجود “رواسب أمنية للنظام السوري السابق في لبنان” على الوضعين اللبناني والسوري، أعاد إلقاء الأضواء مجددا على قضية يبدو أن بيروت ودمشق تسعيان إلى إبقائها في العتمة، في الوقت الحاضر على الأقل، بناء على حسابات دقيقة معقدة، هي قضية “أركان النظام السوري السابق” من عسكريين وغير عسكريين لجأوا إلى الأراضي اللبنانية.

ولقد ذهب بعض المحللين إلى اعتبار كلام جنبلاط الذي ورد في تغريدة، بمنزلة إشارة مدروسة في توقيتها وأبعادها، لكونها فتحت الباب على هذه القضية المسكوت عنها إلى حد بعيد، وخصوصا أن وسائل إعلام عربية ومحلية سارعت إلى إثارة الموضوع والتنقيب في خلفياته، في حين أن ثمة من يرجح أن تعقب ذلك حملة سياسية ترفع لواء المطالبة بأن يلقى هؤلاء مصير الذين ناصروا سابقا المعارضة السورية عبر أعمال معينة، فزج بعضهم إلى اليوم في السجون، فيما سلّم بعضهم الآخر إلى النظام السابق أو دفعوا دفعا إلى الرحيل عن لبنان.
وبقطع النظر عن إدراج البعض كلام جنبلاط على هذا الموضوع في خانة العلاقة مع نظام أحمد الشرع سعيا إلى إعادة وصل ما انقطع معه بعد أحداث السويداء الدموية وما تلاها من تحولات في المشهد هناك، فإن زعيم المختارة لم ينطلق في كلامه من فراغ أو يفتعل افتعالا، وثمة قضية كامنة تنتظر من يحرك مياهها الراكدة هي مصير أنصار النظام السابق في دمشق الذين عبروا إلى لبنان عبر المنافذ والمعابر غير الشرعية.
في ذلك الحين، قبل نحو 11 شهرا، قدّرت مصادر أمنية على صلة بالملف أن العدد الأقصى للذين دخلوا لبنان من أنصارالنظام السابق قد وصل إلى نحو 8 آلاف شخص، بينهم ضباط كبار وقيادات ورموز سياسية فاعلة، وقد اختاروا أن يحلّوا في مناطق متفرقة، علما أن الأنباء الرائجة تحدثت آنذاك عن أن قسما لا بأس به منهم لجأ إلى الضاحية الجنوبية أو اختار الإقامة في مناطق أخرى ذات أكثرية شيعية أو علوية، وبعض هؤلاء غادر لاحقا إلى الخارج مما قلّص العدد المتبقي حاليا إلى نحو خمسة آلاف.
ووفق معلومات مستقاة من مصادر معنية، فإن تحركات هؤلاء لم تكن في منأى عن العين الأمنية اللبنانية الراصدة، ولاحقا أبرمت معهم “اتفاق جنتلمن” مضمرا قوامه أمران:
– الامتناع عن القيام بأي أنشطة أو تحركات تثير حفيظة النظام في دمشق.
– أن يعملوا على أساس أن تكون إقامتهم في لبنان قصيرة ومحدودة.
ومع ذلك، فإن الأجهزة اللبنانية لم تترك هؤلاء وشأنهم، إذ سرت معلومات تثبت أنها جرّدت بهدوء حملات أمنية على أماكن وجودهم، واعتقلت عددا منهم لارتكابهم جرائم وممارسات مكشوفة وموصوفة، وسلّمت قسما منهم إلى سلطات دمشق بعيدا من الأضواء.
وعليه، يبقى السؤال: لماذا يتغاضى حكام دمشق الحاليون عن وجود هؤلاء في لبنان، ولا يجاهرون بمطالبة السلطات اللبنانية بتسليمهم أو إبعادهم؟
على رغم أن لدى دمشق صورة كاملة عن هؤلاء الفارين وعن طبيعة تحركهم، فإنهم يعتبرون أنفسهم “محصنين” إلى حد ما لاعتبارات عدة أبرزها:
– أن حكم دمشق الحالي ليس في وارد الدخول حاليا في مواجهات مع هؤلاء أو الإلحاح لتسليمهم، فهو لديه اهتمامات أخرى ترقى إلى مصاف الأولويات.
– ثمة في الحكم السوري الحالي من يبني على أساس استمالة قسم منهم يوما ما.
ولكن ماذا عن علاقة “حزب الله” بهؤلاء؟ وهل يؤمّن فعلا مظلة حماية لهم؟
أكثر من واقعة تشي بأن الحزب قرر، منذ سقوط نظام الأسد، قطع علاقته بالساحة السورية، وخصوصا ببقايا النظام السابق، بدليل التزامه عدم التشهير بالنظام الحالي أو افتعال مواجهة إعلامية أو سياسية معه. ويأتي ذلك ضمن استراتيجية مختلفة وضعها للتعامل مع هذه الساحة في ظل الحكم الجديد.
ومع ذلك، ثمة من يذكر أن الحزب لم يتنكر للعلاقة برموز في النظام السابق من ضباط وسياسيين يعلم أنهم “أخلصوا في ولائهم”.

أين الحقيقة في ملف ضباط الأسد اللاجئين إلى لبنان؟ .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...