لا نملك في لبنان ثقافة الاعتراف بالخطأ والاعتذار. نخطئ فنبرّر، وغالباً لا نعترف بالخطأ. ما حصل في مغارة جعيتا أكبر مثال.
ينطبق على رئيس بلديّة جعيتا المثل الشعبي: “إجا ليكحّلا عماها”. تبريره السماح بإقامة حفلة صاخبة في داخل المغارة بتقاضي البلديّة مبلغاً ماليّاً قال إنّه دون الأربعين ألف دولار، أسوأ من قرار السماح نفسه. كان الأحرى برئيس البلديّة أن يعتذر فقط. وكان عليه أن يضع استقالته بتصرّف المجلس البلدي، أو الناخبين.
الأسوأ من سلوك رئيس البلديّة هو وزيرة السياحة التي لم تحقّق، منذ توليّها منصبها، إنجازاً واحداً. لا بل هي اعتبرت، في مقابلة، أنّ أجمل ما قامت به هو قطف الكرز في حمانا.
فعليّاً، يليق بالوزيرة قطف الكرز، وربما استكمال المهمّة عبر تحويله الى مربّى شهيّة، أمّا العمل الوزاري فدون قدراتها، على الرغم من أنّها سعت جاهدةً لتولّي منصبها. وحتى الآن، لا خطّة ولا مبادرة ولا جهداً استثنائيّاً. ومع ذلك، لا نرى، مثلاً، أنّ رئيس الحكومة استدعاها، أو استدعى غيرها من الوزراء، ليسألهم عمّا أنجزوه في وزاراتهم وليحثّهم على العمل.
ولأنّ الشيء بالشيء يُذكر، نعود الى قضيّة تزوير العلامات في الفرع الأول لكليّة الحقوق في الجامعة اللبنانيّة. حين ذكرنا اسم فادي بو دية كأحد المستفيدين من التزوير، قامت قيامته واستخدم لغته التافهة عن المحطة الصهيونيّة، وهو، بالمناسبة، كان ضيفاً فيها أكثر من مرّة، وكاتب هذه السطور استضافه مرّتين وهو فعلٌ أعتذر عليه من اللبنانيّين الذين سمعوا منه صراخاً بلا جدوى.
كان الحريّ بالرجل، الساعي الى قبول حزب الله بترشيحه إلى الانتخابات، أن يعترف ويعتذر، بدل المكابرة وكلامه المضحك عن إجادته ثلاث لغات ومثابرته على تعلّم الرابعة. الأسوأ من بو دية هي المنصّات التي ما زالت تستقبله وتقدّم منبراً للتافهين الذين يقدّمون تحليلات لم تُصب ولو مرّة، ومع ذلك لا اعترف أحدٌ منهم ولا اعتذر.
وبين جرم انتهاك “حرمة” مغارة جعيتا، وبين تحويل كليّة جامعيّة الى مزرعة، لا تسقط في لبنان ثقافة الاعتذار فقط، بل خصوصاً ثقافة المحاسبة، من قبل الناس قبل الدولة. من يناصر رئيس بلديّة جعيتا سيدافع عنه مهما فعل، ومن يناصر حزب الله سيرى فادي بو دية علماً من أعلام القانون ولا حاجة له لتزوير علاماته كي ينجح.
شعبٌ لا يحاسب لن يصنع وطناً.
أعتذر من اللبنانيين… .
