مع اقتراب طيّ صفحة الاشتباك القانوني حول تصويت المغتربين، تدخل الانتخابات النيابية المقبلة مرحلة جديدة تُعرَف داخل غرف الأحزاب بـ «الخطة ب»، وهي مرحلة التحضير الجدي للمعركة المسيحية – المسيحية التي ستحدّد ميزان القوى في لبنان ما بعد 2026.
فحسم المادة 112 أنهى السجال القانوني، لكنه فتح الباب أمام سجال سياسي أشدّ حرارة: من يُمسك بالشارع المسيحي؟ ومن يملك القدرة على استنهاضه بعد سنوات من التراجع والإحباط والهجرة؟
المشهد الانتخابي الجديد: ما بعد الاغتراب
تشير مصادر انتخابية إلى أنّ المغتربين لن يكونوا مجرد رقم رمزي، بل عاملاً حاسمًا في أكثر من خمس دوائر أساسية ذات ثقل مسيحي (المتن، كسروان، زغرتا، بشري، زحلة).
القوات اللبنانية تراهن على تصويت الاغتراب الذي أثبت في انتخابات 2018 أنّه يميل إلى خطابها السيادي، فيما يسعى التيار الوطني الحر إلى استعادة التواصل مع المغتربين العونيين القدامى الذين خاب أملهم بعد سنوات من السلطة والأزمات.
وتكشف معطيات داخل التيار أنّ نسبة العونيين الفاعلين في الانتشار تراجعت إلى النصف مقارنة بعام 2018، ما يجعل إعادة بناء الثقة مع الخارج مهمة وجودية للتيار العوني.
التيار بين «ترميم الذات» و «تجديد التحالف»
داخل «ميرنا الشالوحي»، النقاش يدور حول كيفية تحقيق عودة “قوية” الى المجلس النيابي، فالقيادة العونية تدرك أنّ المزاج المسيحي تغيّر، وأنّ الشعار الشعبي لم يعد كافيًا في ظل الانهيار المالي والاقتصادي.
لذلك تتّجه إلى خطاب مزدوج: سيادي تجاه الخارج (خصوصًا في ملف الترسيم والمغتربين) وواقعي داخليًا من خلال خطاب «الإصلاح في قلب الدولة لا ضدها».
أما على صعيد التحالفات، فتؤكد مصادر التيار أنّه منفتح على التعاون الانتخابي «على القطعة» مع قوى متعددة، بينها الكتائب، فيما يبقى الاتصال مع حزب الله قائم رغم الانتكاسات التي أصيبت بها العلاقة، والتحالفات ممكنة في دوائر تفرض فيها الظروف التحالف الانتخابي.
القوات: تثبيت الزعامة وتوسيع التحالفات
في المقابل، تتعامل القوات اللبنانية مع الاستحقاق بثقة ناتجة من نتائج 2022، حين حققت أعلى تمثيل مسيحي.
الخطة القواتية تقوم على تثبيت الزعامة داخل الشارع المسيحي وتوسيع الهوامش في الدوائر المختلطة عبر تحالفات مع التقدّمي الاشتراكي وبعض الشخصيات المستقلة.
وتؤكد مصادرها أنّ «التصويت الاغترابي سيعيد تثبيت حجم القوات كأكبر كتلة مسيحية، وتشير التقديرات إلى أنّ تحالف القوات – الاشتراكي سيتكرّر في الجبل وبعبدا، في حين تبقى العلاقة مع الكتائب أقرب إلى تنسيق تكتيكي من تحالف شامل.
الكتائب والمردة: بين الحياد والتموضع
الكتائب تسعى إلى تحويل موقعها الوسطي إلى منصة تحالف مرنة.
وقد شهدت الأسابيع الماضية لقاءات بين مسؤولين كتائبيين وعونيين لكسر الجليد، من دون التطرّق إلى تحالفات مباشرة.
أما المردة، فيحافظ على هدوء انتخابي لافت، ويركّز على معقله في زغرتا، تمهيدًا لمعركة رمزية تُثبِت استمرار حضوره شمالًا أمام «الموجة القواتية».
وفي السياق نفسه، فان ما يُقلق معظم الأطراف هو أنّ الشارع المسيحي فقد الحماسة القديمة.
فالأزمات المعيشية والهجرة والتعب السياسي جعلت جزءًا واسعًا من الناخبين المسيحيين أقرب إلى اللامبالاة. لكن عودة الاغتراب، إذا نُفّذت بآلية شفافة، قد تشكّل حقنة حياة انتخابية تُعيد إشعال المنافسة.
وتشير مصادر قريبة من بكركي إلى أنّ المزاج الانتخابي المقبل سيكون محاسِبًا أكثر منه طائفيًا، وأنّ الأحزاب الكبرى ستُقاس على أدائها لا على خطابها، اذ تضيف المصادر ان الناخب المسيحي خاصة واللبناني في العموم اصبح في موقع المدرك لحقيقة الحياة السياسية في لبنان وهو سيصوت للمحاسبة هذه المرة، لتختم المصادر انها تتوقع مفاجآت على الساحة المسيحية.
بعد فكّ اشتباك المغتربين… “الخطة ب” تبدأ: المزاج المسيحي بين توسّع “القوات”… بقاء التيار… والمفاجآت .




