نتنياهو “يطبخ” التبريرات لإقناع واشنطن: رائحة حرب على لبنان!

دخل الإسرائيليون في موجة ضخ أخبار وتسريبات تشير إلى أنهم في صدد التحضير لتنفيذ عملية عسكرية واسعة في لبنان ضد حزب الله. تحاكي السياسة الإعلامية الإسرائيلية، المرتبطة بمناورات عسكرية وتدريبات، كل السياق الذي سبق حرب أيلول 2024، إذ كثف الجيش الإسرائيلي من المناورات العسكرية قبلها، وكثرت التسريبات في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن قدرات حزب الله واستعداداته لشن عمليات عسكرية برية داخل المستوطنات الإسرائيلية في الجليل، مع التركيز على أن الحزب بقدراته العسكرية الكبيرة يشكل تهديداً لكل المستوطنات وسكانها. واليوم يتكرر السيناريو نفسه إعلامياً، وتسعى تل أبيب إلى تعزيزه في سرديتها السياسية وعلى المستوى الديبلوماسي والدولي. 

 

إسرائيل تشتكي على لبنان: “سبقني واشتكى”! 

من ضمن هذه السياسة الجديدة، جاءت التسريبات الإسرائيلية التي تتحدث عن تقديم تل أبيب 1734 شكوى لدى الأمم المتحدة عن خروقات حزب الله للاتفاق. وذلك يندرج أيضاً في سياق تحضير الأرضية لأي تصعيد، وكي تكون إسرائيل قد بررت لنفسها مسبقاً القيام بأي عملية أمنية أو عسكرية أو عملية اغتيال. في المقابل، لم يتقدم لبنان بهذا الكم من الشكاوى، علماً أن الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف النار مشهودة وأكثر من علنية من خلال العمليات التي تنفذها في مختلف المناطق اللبنانية، سواء كانت عمليات اغتيال، او استهداف لمواقع ومخازن، إضافة إلى عمليات التوغل البري في الجنوب، وعمليات التفجير والإصرار على مواصلة احتلال أراضٍ لبنانية. 

 

جهود أميركية لفرملة التصعيد هنا وهناك

كل السردية الإسرائيلية تبدو وكأنها تتضمن إشارات استعدادية لتوسيع نطاق العمليات العسكرية أو تصعيدها، لا سيما أن كثراً يعتبرون أن هذا التصعيد سيكون واقعاً، على الرغم من التضارب في المعطيات الدولية والديبلوماسية حول حقيقة الموقف والقرار الإسرائيليين، لا سيما مع ورود معلومات عن أن الولايات المتحدة الأميركية تضغط على إسرائيل لمنعها من توسيع هجماتها، كما أن أميركا تسعى إلى ممارسة الضغوط على لبنان لدفعه إلى الالتزام بالشروط التي تريدها، مع تجنب الحرب الواسعة، خصوصاً أن إدارة ترامب لا تريد تجدد الحروب في الشرق الأوسط. 

 

حتى الأولي لا الليطاني

في المقابل، ترد معلومات ديبلوماسية أخرى يجري التداول بها في الكواليس السياسية، مفادها أن الإسرائيليين يحضرون فعلاً لتصعيد عملياتهم، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يريد وقف الحروب، وأنه إذا لم يقدم على تنفيذ عملية عسكرية واسعة أو عمليات برية متقطعة، فسيواصل تصعيد الضربات الجوية للبقاء في حالة حرب، وللضغط على لبنان من أجل جعل الجنوب خالياً بالكامل من السلاح، وليس فقط منطقة جنوب الليطاني، بل حتى نهر الأولي.

 

لبنان و”العلاج الإسرائيلي”

قبل فترة، وعندما طرحت فكرة التفاوض المباشر بين لبنان وإسرائيل، لم تقدم تل أبيب جواباً واضحاً، علماً أنها سابقاً كانت تصر على التفاوض المباشر على مستوى سياسي رفيع. ولكن، في ما بعد، اعتبر المسؤولون الإسرائيليون أمام الأميركيين بأنه لا يجوز إيلاء لبنان الكثير من الاهتمام. وطالبوا بأن يبقى خاضعاً لـ”العلاج الإسرائيلي”، أي أن تل أبيب تعرف كيف تتعامل مع الملف اللبناني. وترافق هذا الكلام، مع موقف أصدره الموفد الأميركي توم باراك مفاده أن لبنان إذا لم يقم بما يتوجب عليه، فإن أميركا لن تبقى مبادِرة إزاءه أو مهتمة به، وأن اسرائيل قد تتحرك عسكرياً لخوض مواجهة ضد حزب الله. 

 

باراك وعيسى و”نفض الأيدي”

بدا ذلك وكأنه نفض اليد الأميركية من لعب دور الدولة الضامنة، وهو ما أكده باراك عندما أشار إلى أن الولايات المتحدة لن تكرر أخطاء الماضي، أي أنها لن تعود إلى الانتشار في لبنان أو إلى إدخال قوات عسكرية تكون مهمتها العمل على تفكيك سلاح حزب الله. وهذا الكلام يتقاطع مع كلام آخر أطلقه باراك سابقاً عن مسؤولية اللبنانيين أنفسهم في معالجة ملف السلاح. ويتقاطع أيضاً مع كلام منسوب إلى السفير الأميركي الجديد في لبنان ميشال عيسى يشير فيه إلى ضرورة سحب سلاح حزب الله مقابل الحفاظ على الوحدة الوطنية الداخلية في لبنان، وهو ما سيكون في حاجة إلى تسويات وتفاهمات لا تزال متعذرة حتى الآن. 

 

“الميكانيزم” تملأ وقتها

في مواجهة كل السردية التصعيدية لدى الإسرائيليين، فإن لبنان يؤكد تمسكه بعمل لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، ويعتبر أن أي تفاوض يمكن أن يحصل من خلالها، برعاية الأميركيين والأمم المتحدة. وقد تبلغ من الرئيس الجديد للجنة بتفعيل عملها، بحيث يفترض أن تقعد نحو 10 اجتماعات قبل نهاية السنة الحالية، للاتفاق على كل آليات سحب سلاح حزب الله من جنوب الليطاني. وعليه، فإن المسارات ستكون متزامنة: أولاً، عمل “الميكانيزم” لتوسيع انتشار الجيش في الجنوب وسحب سلاح الحزب. ثانياً، مواصلة إسرائيل ضرباتها واستهدافاتها مع احتمال تصعيدها وتكثيفها. ثالثاً، استخدام الضغط العسكري، والاقتصادي أيضاً، لدفع لبنان إلى المرحلة الجديدة التي يريدها الأميركيون. وإذا لم يتحقق ذلك، فستكون خيارات التصعيد هي السائدة. 

نتنياهو “يطبخ” التبريرات لإقناع واشنطن: رائحة حرب على لبنان! .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...