لم يعد السؤال البديهي الذي يُطرح عن الإنتخابات النيابية المقررة في أيار 2026 هل تحصل في موعدها أم يصار إلى تأجيلها؟فالمطروح بإلحاح اليوم هو هل يقترع المغتربون على أساس 6 نواب في الخارج أم بناء على حقهم الطبيعي بـ128 نائبا؟
في تموز الماضي وجه الأساقفة الموارنة في بلدان الانتشار، كتاباً إلى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ونسخة منه إلى كل من رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، ورئيس الحكومة نوّاف سلام، والكتل النيابيّة، مطالبين بموجبه بإلغاء المادّة 112 من قانون الانتخابات الحالي الّذي حدّد المقاعد المخصّصة في مجلس النوّاب لغير المقيمين بستة مقاعد أو ما يعرف بالدائرة 16 وحددوا الأسباب الموجبة لمطلبهم بدءا بمخالفة الدستور والقوانين النافذة، مروراً بحقهم السياسي الاقتراع في الدوائر الانتخابيّة داخل لبنان، وصولاً إلى الإعتبار بأن إنشاء دائرة مستقلة للمغتربين يؤدي عمليًّا إلى فصل الجسم الانتخابي اللّبناني وهو تمييز غير مبرّر دستوريًّا، وقد يُعرّض النصّ للطعن أمام المجلس الدستوريّ.
إصرار المغتربين على الإقتراع عبر التصويت من الخارج لمرشحين في دوائر قيدهم الأصليّة ترتكز على تجربة انتخابات 2018 و2022 وقد أثبتت فاعليتها واحترامها لمبدأ وحدة الجسم الانتخابي. وإن كانت نوايا رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله والتيار الوطني الحر باتت مكشوفة ولا تحتاج إلى “عمليات تجميل “تارة بالأطر القانونية وأخرى لوجستية، إلا أن إصرار المغتربين على إلغاء المادة 112 من قانون الانتخاب بشكل نهائي بات محسوماً …إما الإقتراع لـ 128 نائباً أو المقاطعة وعليها تترتب إشكاليات قانونية عديدة.
ومع إصرار بري على عدم إدراج قانون الإنتخاب على جدول أعمال الجلسات بادرت وزارة الخارجية والمغتربين في الثالث عشر من تشرين الأول بإرسال مشروع قانونٍ معجّل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء وطلبت إدراجه على جدول أعمال أول جلسة للحكومة. ويتضمن مشروع القانون طلب إلغاء المادتين 112 و 122 من قانون الانتخاب المتعلقتين باقتراع المغتربين اللبنانيين واللتين تحصران تمثيلهم بست مقاعد مخصصة للاغتراب، والسماح للبنانيين المقيمين في الخارج باختيار ممثليهم الـ 128 في مجلس النواب بحسب دوائر قيدهم.
وزير الخارجية الأسبق فارس بويز يبادر بالقول لـ”المركزية” ” ان أي بحث باقتراع المغتربين مستحيل حتى هذه اللحظة. فوزارة الخارجية عاجزة عن تنظيم الإنتخابات في الخارج إذ تحتاج العملية إلى استحداث مراكز اقتراع بما لا يقل عن 25 مركزا في الدول الكبرى وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا والبرازيل وفرنسا وألمانيا وتأمين عدد لا يستهان به من الدبلوماسيين للإشراف عليها ولا يمكن الاستعاضة عنهم بموظفين “.
مؤيداً إصرار المغتربين انتخاب 128 نائباً، يشير بويز إلى أن كتاب الإحتجاج الذي أرسله المغتربون إلى الخارجية يطالبون فيه بإلغاء المادة 112 إنما لإفهام المسؤولين والمعنيين في لبنان استحالة قطع تذكرة سفر واجتياز مسافة لا تقل عن 6 ساعات للوصول إلى مركز الإقتراع هذا عدا عن التكلفة التي سيتكبدونها”.
في الإنتقال إلى الخطة باء وتقوم على خلق نظام إلكتروني أو ما يعرف بالميغاسنتر” لكن حتى هذا الأمر مستحيل تقنياً نظرا إلى الفوضى المرجحة في عملية التسجيل لنظام إلكتروني يسمح للمغتربين الإقتراع كلٌ من منزله أو مكان عمله وهذا يحتاج إلى إعادة تنظيم لوائح الشطب والتأكيد على تسجيلهم عدا عن التدابير التكنولوجية.إذا هناك مشكلة تقنية حقيقية في قضية انتخاب المغتربين في الخارج ولا قدرة لوزارة الخارجية بغياب نظام الميغاسنتر واستحداث مراكز اقتراع وتأمين العدد المطلوب من الدبلوماسيين والأهم عدم وجود الميزانية التي تتطلبها الإنتخابات في الخارج”.
“حتى الساعة انتخابات المغتربين أمر مستحيل تقنياً. والمطلوب مصارحة المغتربين بذلك مع شرح الأسباب. ويعود بويز إلى تجربة 2018 و2022 حيث كان عدد المقترعين في الخارج ضئيل جداً في ويوضح أنه مع مبدأ اقتراعهم 128 نائباً وليس 6 نواب ” بس ما نضحك ع العالم لا جهوزية تقنية ومالية وإدارية لدى الخارجية لإشراك المغتربين في انتخابات الـ 2026″.
هل يعني ذلك تأجيل الإنتخابات؟ ” لا إمكانية باقتراع المغتربين. وكان يفترض على الوزارات المعنية البحث في قانون الانتخاب قبل سنتين على أقل تقدير وليس قبل 5 أشهر من موعدها الدستوري. حاليا لا الوقت ولا الميزانية يسمحان القيام بعملية مماثلة.أما إذا أرادوا التلهّي وجمع رصيد شعبي تحت شعار الانتخابات النيابية فهذا شأنهم. أنا مع مبدأ اقتراع المغتربين لـ128 نائباً على غرار اللبنانيين المقيمين. لكن أقرّ وأعترف أن لا قدرات لدى الدولة لتنظيم هكذا انتخابات في الخارج” .
ويختم ” إقصاء المغتربين عن هذه الدورة عن الإنتخابات ممكن وهناك تجارب سابقة قبل انتخابات العامين 2018 و2022 لكنها ستكون ناقصة “.
الانتخابات إن حصلت…اقتراع المغتربين مستحيل تقنياً بـ6 نواب أو بـ128! .




