نواف سلام صُداع “الحزب “

بسرعة قياسية، تقدَّم رئيس الحكومة نواف سلام جميع رؤساء الحكومات السابقين، وتفوّق عليهم جميعًا، جرأةً وإقدامًا، ليتحوَّل إلى الهدف الرقم واحد بالنسبة إلى “حزب اللّه”، فهو رئيس الحكومة الذي لا يهادن ولا يتراجع، استقبلته هتافات “نواف سلام صهيوني” حين دخل إلى إحدى المباريات الرياضية، صحيح أن “حزب اللّه” تبرَّأ من الذين هتفوا، لكن الرسالة كانت قد وصلت ومفادها أن هناك امتعاضًا من أداء الرئيس سلام.

ومن صهينته إلى إطلاق أقذع العبارات بحقه، إلى درجة أن جمهور “حزب اللّه” هتف أمام صخرة الروشة:”يا نوَّاف عوِّي عوِّي صخرة الروشة بدنا نضوِّي”.

هذه الهتافات تمّت على مسمع رئيس وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا الذي وصل إلى مكان الاحتفال غير آبه بالتهديدات الأمنية! من دون أن يُعرَف مصدر هذه الثقة بأنه لن يمسَّه سوء.

المهم في كلّ ما جرى أن رئيس الحكومة “الأعزل”، كان وحيدًا في المواجهة مع “فائض الاستقواء” الذي عبَّر عنه “حزب اللّه” بأبشعِ صورة.

في الشكل، بدا الرئيس سلام أنه “الحلقة الأضعف”، لكنه في المضمون وفي حقيقة الأمر، بدا “الأقوى”، أربك “حزب اللّه” الذي راهن على اعتكافه، بالحدّ الأدنى، وعلى استقالته، بالحدّ الأقصى، لكنه لم يُقدِم لا على هذه ولا على تلك، فأيقن “الحزب” أن “صداع نواف” باقٍ.

لم يُدرِك “حزب اللّه” أن مواجهته مع رئيس الحكومة خاسرة سلفًا، فالشرعية في ضفة الرئيس سلام وليست في حارة حريك، وسلام يحكم بالدستور وبالقوانين المرعيّة الإجراء، فيما “حزب اللّه” يتحكَّم بالدستور ويقفز فوق القوانين المرعيّة الإجراء والنافذة.

من هنا إلى أين؟ وكيف ستسير الأمور؟

الكرة في ملعب “حزب اللّه” وليست في ملعب الرئيس نواف سلام، فرئيس الحكومة يتصرّف وفق ما يمليه عليه الدستور والبيان الوزاري، وأي كلام آخر لا يُعتدُّ به، لكن، في المقابل، وفق أي قانون سيتصرّف “حزب اللّه”؟ يقول الأمين العام لـ “الحزب” الشيخ نعيم قاسم: “لن نسمح بنزع السلاح، وسنواجه مواجهة كربلائية، لأننا في معركة وجودية، وبإمكاننا تحقيق هذه ‌‏المواجهة إن شاء اللّه”.‎ لم يقل الشيخ قاسم مَن سيواجِه “مواجهة كربلائية”، هل مَن سيطالبه بتسليم السلاح، أي الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني؟ هل إسرائيل؟ وإذا كان الجواب نعم، فكيف سيواجهها؟

“حزب اللّه”، بهذا المعنى، أمام مواجهتين: الأولى مع الدولة اللبنانية لأنه خرج عليها وما زال يتصرّف على أساس أن “دولته” هي الدولة. أما المواجهة الثانية، وهي الأقسى، فمع إسرائيل، وهو باشرها منذ الثامن من تشرين الأول 2023، وعلى الرغم من كل الاتفاقات المعقودة، فإن هذه الحرب، على ما يبدو مستمرّة، فالمفارقة، أن الطرفين، إسرائيل و “حزب اللّه” يريدانها.

في هذه الحرب المستمرّة، هل يعتقد “حزب اللّه” أن أحدًا في لبنان يمكن أن يكون معه؟

في حال كان جوابه بـ “نعم” فإنه يكون في حال “انفصام سياسي”.

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...