ذهب لبنان الصامت: المعادن الدفينة بين الإهمال والفرص الضائعة

يشكل الإنتاج التجاري للمعادن الفائقة القيمة مثل الليثيوم، الكوبالت، والنحاس نشاطًا مستدامًا ومتناميًا في دول عدة قريبة من لبنان، مثل تركيا والأردن ومصر، حيث استثمرت هذه الدول في البنية التحتية الجيولوجية والتشريعية لتشجيع الاستخراج والتصدير، ما ساعد في دعم اقتصاداتها وتوفير فرص عمل.

في المقابل، لا يزال لبنان متأخرًا في هذا المجال رغم امتلاكه إمكانات جيولوجية غير مستكشفة بالكامل، تأخير اعتاد عليه اللبنانيون في الكثير من القطاعات منذ عقود طويلة، ما حرم ويحرم الشعب اللبناني من الاستفادة من إيراداتها حتى يومنا هذا.

وفي لغة الأرقام، تم إصدار حوالى 2100 رخصة تنقيب عن المناجم والمعادن منذ العام 1934 حتى العام 1970، من مختلف الفئات (ذهب، حديد، حُمر فوسفات، لينيت، الهيدروكربونات… الخ ) ما يطرح جملة من الأسئلة لعل أهمها لماذا لم تظهر هذه المعادن أو البعض منها كمكوّن جوهري في الاقتصاد الوطني؟ ولمَ لم يتحوّل إلى نشاط مستدام؟ وإلى أين وصلت الدولة في عمليات التنقيب عما هو في باطن الأرض من ثروات متبقية؟ وهل من احتمال أن يكون غنيًا بأحد هذه المعاد؟

وفي هذا السياق يعلق المحامي ضياء الدين زيبارة قائلًا إنه “رغم وجود عدد كبير من التراخيص التنقيبية والمناجم الممنوحة تاريخيًا، إلا أن الإنتاج التجاري للمعادن الفائقة القيمة كالذهب أو خامات الحديد الضخمة لم يظهر كمكوّن جوهري في الاقتصاد الوطني”، وبالتالي، لم يتحوّل إلى نشاط مستدام، وبعبارة أخرى التراخيص قد سجّلت وكثُرت، لكن النتائج التحويلية – من استخراج إلى تصدير أو تصنيع – لم تكن بالحجم الذي يمكن أن يجعل من لبنان دولة تعدين كبرى”.

ويوضح زيبارة أن الكثير من الدول التي تحقق نجاحات في قطاع المعادن تمتلك إطارًا تنظيميًّا واستثماريًّا واضحًا، وتملك استقرارًا مؤسساتيًا، وجذب رأسمال دولي، كالمملكة العربية السعودية  والأردن وتركيا ومصر .

كما بات معلومًا، أن العديد من الدراسات القديمة تشير إلى وجود رواسب من الحديد والفحم الحجري في مناطق مثل عكار وجزين، إضافة إلى آثار لاستخراج النحاس في وادي خالد. لكن رغم ذلك، لم تُطوّر هذه المواقع تجاريًا ولا تزال الجيولوجيا اللبنانية غير مستكشفة بالكامل بعد.

ويؤكد زيبارة أن التنقيب العلمي قد يكشف موارد غير مستغلة، مشددًا على أن المعادن بأنواعها كافة متوفرة في لبنان: الفوسفات، الحديد، الهيدروكربون، الحمر، النحاس، اليورانيوم، الذهب، الكبريت، النكل، الفضة، الأحجار الكريمة، الكاولين، وهناك أنواع معادن موجودة في مناطق أثرية كتلك الموجودة بالقرب من مسجد النبي نون في مشغرة، وأخرى بالقرب من مئذنة جامع قرية خربة روحا، وأخرى في منطقة نهر الكلب .

ومقارنة بالدول المجاورة، نجد أن الأردن وقبرص نجحتا جزئيًا في تفعيل قطاع التعدين لدعم اقتصادهما. في الأردن، ساعد الفوسفات والبوتاس في تعزيز الإيرادات. أما قبرص، فاستفادت من إعادة إحياء مناجم النحاس، وهنا يرى زيبارة أن بإمكان لبنان الاستفادة من هذه التجارب شرط توفر إدارة فاعلة واستثمار طويل الأجل.

وفي ما يتعلق بالعوائق الأساسية التي حدّت من تقدم هذا القطاع يكشف زيبارة :

– سيطرة الكارتيلات على العديد من القطاعات مثل: كارتيلات الأدوية، كارتيلات المحروقات، كارتيلات الطحين والخبز، كارتيلات البنوك، كارتيلات التعليم الخاص، كارتيلات المعادن الفائقة والمتوسطة القيمة، وهكذا تكون الكارتيلات استفادت – وللأسف – من كل شيء في لبنان .

– غياب الاستقرار السياسي والأمني.

– ضعف التشريعات التنفيذية.

– نقص الدراسات المسحية الشاملة والموثوقة التي تحدّد مواقع احتياطيّة ذات جدوى تجارية.

– بالتالي، استطاعت  الدول التي تجاوزت هذه الحواجز (بنية تحتية، تشريعات، استثمارات) أن تدخل مرحلة “الاكتشاف”، “الإنتاج”، “التصدير/التصنيع”.

– الفساد، غياب الحوكمة والسياسات التعدينية، وانعدام الشفافية. كما أن البيئة القانونية غير محفزة للمستثمرين.

ويشدد زيبارة على أن فرص الاستثمار في لبنان ما زالت أولية لكن قائمة، خصوصًا في ظل الحاجة لمصادر دخل جديدة، وفي حال القيام بالإصلاحات المطلوبة، قد يمثل هذا القطاع رافعة اقتصادية محتملة.

المجموعة الأولى:

ويقسم زيبارة المراسيم الصادرة بهذا الخصوص إلى مجموعتين:

– المجموعة الأولى:

الشركات الأجنبية وشخصيات ( نموذج من عشرات النماذج)

المرسوم رقم 891 جاء في المادة الأولى منه: جدد مجلس الوزراء بتاريخ 14/12/1977 منح جامعة السار في ساربروك رخصة للقيام بأعمال الحفر والتنقيب عن الآثار في “تل كامد اللوز” محافظة البقاع لمدة ست سنوات، ابتداء من تاريخ تصديق اتفاق “مقاولة منح الامتياز بإجراء حفريات من قبل السلطات المختصه” بناء على المرسوم رقم 14011 الصادر بتاريخ 10 تشرين الثاني 1956.

– منح السيد أحمد الأسعد اللبناني المقيم في الطيبة، محافظة لبنان الجنوبي، رخصه التنقيب عن المناجم من الفئة الثانية وبالأخص المنغنيز في منطقه الطيبة العديسة.

– المجموعة الثانية الأفراد اللبنانيون (نموذج من عشرات النماذج)

الهيدروكربور السائل والغازي: مشغرة، رأس بعلبك ( 1940- 1946)

لينيت: بدادون، بشري، ميروبا، قرطبا، جديدة مرجعيون، مشغرة، علمات.

الحديد والنحاس والقصدير: فيطرون.

– المرسوم رقم 12447 الصادر في بعبدا في 24 نيسان 1969:

في المادة الأولى منه: منح السيد حكمت سليم ناصيف رخصة التنقيب عن المعادن من الفئة الثانيه في بسكنتا ( قضاء المتن – محافظة جبل لبنان )

وبالأخص الحديد، بناء على اقتراح وزير الموارد المائية والكهربائية.

وفي الختام يوصي زيبارة:

– من الحكمة أن تنظر الدولة اللبنانية في بناء “خريطة معدنية” حديثة بمشاركة جهات دولية، لضبط ما بقي من تراخيص قديمة وتحديثها.

– تشجيع الشراكات الاستثمارية الأجنبية والتقنيات الحديثة في المسح والتنقيب.

– الربط بين التعدين والتنمية المستدامة – بمعنى أن لا يفكر لبنان في استخراج الخامات فقط، بل في التصنيع البسيط لإضافة قيمة.

– العمل على الشفافية والمساءلة لضمان أن تستفيد الدولة والمجتمع المحلي من المناجم وليس فقط أصحاب الرخص.

ذهب لبنان الصامت: المعادن الدفينة بين الإهمال والفرص الضائعة .

Search
Latest News
Loading

Signing-in 3 seconds...

Signing-up 3 seconds...