الحزب المنزعج من بري يهاجم عون؟
هل بلغت الأمور بـ”حزب الله” حدها الأقصى من الشعور بالعزلة، حتى يلجأ إلى الرابية بحثاً عن حليف مسيحي، كسراً للحصار الذي أحاط نفسه به، بالرغم من إدراكه أن إحياء تحالفات سقطت في فخ المصالح والحسابات الخاصة، قد لا يكون موثوقاً به لخوض غمار المرحلة الأصعب في مسار الحزب السياسي، بدءاً من معركة نزع سلاحه، وصولاً إلى تثبيت نفوذه السياسي في الانتخابات النيابية المقبلة؟
بالتوازي مع الحملات التي تشنها أجهزة الحزب الإلكترونية وغيرها على رئيس الجمهورية جوزف عون، برزت حركة قيادات في اتجاه الرئيس ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، تحت عنوان البحث عن موقف لبناني موحد ومشترك لمواجهة إسرائيل ومخططاتها.
وما أثار التساؤلات لم يكن السبب الكامن وراء الانفتاح على التيار البرتقالي بعد انقطاع وصل إلى حد المقاطعة، بل الخلفية وراء التهجم على الرئيس، بالرغم من إدراك الحزب أن الرئيس عون قد يكون الجهة الوحيدة التي تقف إلى جانبه وتراعي هواجسه انطلاقاً من موقع الرئاسة كحكم بين اللبنانيين وليس فريقاً إلى جانب طرف دون آخر.
وفي رصد لسلوك الحزب أخيراً حيال سيد بعبدا، في ظل الصمت وعدم التعليق من جانبه، يمكن تسجيل ملاحظتين أساسيتين، من شأنهما أن ترسما ملامح العلاقة بين الجانبين في المرحلة المقبلة. أولاهما أن المأخذ الفعلي للحزب على عون يكمن في أنه خضع، كسائر القوى للضغط الأميركي والسعودي، وهو الذي كان يعتقد أن الرئيس سيكون محصناً ضد هذه الضغوط. لم ينزعج الحزب من المواقف النارية لعون من السلاح، لا في خطاب قسمه الأول ولا في خطابه في ذكرى شهداء الجيش، باستثناء إشارته بالاسم إلى الحزب، وقد جاءت زيارة رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد غداة الخطاب لتؤكد هذا الانطباع. كما أن الاستياء الآخر ليس موجهاً بالمباشر إلى الرئيس تحديدا، وإنما إلى التحالف الوثيق الذي يربطه برئيس المجلس نبيه بري، علما أن الحزب يسجّل على أداء الأخير ملاحظات لا يرى أن الوقت اليوم مناسب لإثارتها، بل يتركها إلى مرحلة ما بعد جلسة السلاح، على قاعدة المثل القائل “عند الامتحان يكرم المرء أو يهان”، أو ربما الأصح، يدان. هكذا ستكون حال العلاقة بين ركني الثنائي بعد الجلسة.
أما الملاحظة الثانية فتتمثل في أن الحملات لم تصل إلى حد مقاطعة الرئيس أو وقف الحوار الثنائي الذي يجمعهما، إذ إن الحوار والتواصل مستمران من دون انقطاع.
وعلى مقلب بعبدا، لا يبدو أن الحملات تؤخذ على محمل الجد، بل ثمة استغراب لسلوك الحزب، وما إذا كان يراهن على رئيس الجمهورية الذي أطلق في خطاب القسم أو خطابه الأخير مواقف تشكل شعارات ولا ترقى إلى التنفيذ، أي أنه ليس في وارد أن يطبقها، علماً أن الحزب كان تبلغ في الحوار الثنائي أن الأمور تذهب في اتجاه التطبيق، وأن الضغوط التي يتعرض لها لبنان تهدد استقراره السياسي والأمني والاقتصادي والمالي، وبالتالي لا يمكن الرهان على أي دعم مالي خارجي لإعادة الإعمار وإطلاق الاقتصاد والتعافي، ما لم يسحب ملف السلاح من التداول وينزع. كما أن الرئاسة حريصة على عدم تفلت الأمور على نحو يؤدي إلى زعزعة الاستقرار.
وعليه، فإن الحزب مدعو إلى الخروج من عزلته وحصاره عبر التزام الدولة والدستور، وليست جلسة مجلس الوزراء أمس إلا لوضع قطار العمل تحت سقف الدستور ومنطق الدولة على السكة.
هل بلغت الأمور بـ”حزب الله” حدها الأقصى من الشعور بالعزلة، حتى يلجأ إلى الرابية بحثاً عن حليف مسيحي، كسراً للحصار الذي أحاط نفسه به، بالرغم من إدراكه أن إحياء تحالفات سقطت في فخ المصالح والحسابات الخاصة، قد لا يكون موثوقاً به لخوض غمار المرحلة الأصعب في مسار الحزب السياسي، بدءاً من معركة نزع سلاحه، وصولاً …
August 6, 20254:31 am