
رؤية لمستقبل وطن
لبنان، الصغير بحجمه والكبير بتاريخه وثقافته، المليء بتناقضات شاسعة كان ولا يزال ساحة لصراعات سياسية متكررة وأزمات اقتصادية وسياسية متلاحقة على مدى العصور وكلما حاول المتنورون النهوض به يأتي من يجهض هذه المحاولات بالتدخل الخارجي تارة وبالاغتيالات تارة أخرى ليقضي على حلم التغيير، فمنذ محاولات الأمير فخرالدين الاستقلالية عن الدولة العثمانية والذي عاش في فلورنسا بدعوة من عائلة دي ميديتشي وعاصر بدايات عصر النهضة الأوروبية وحلم بدولة مزدهرة بعد معاصرته لنهضة غيرت وجه اوروبا الى الشهيد رفيق الحريري الذي أراد لبنان أرض التنوع الطائفي والثقافي وبلد الإبداع والنجاحات والارتقاء الى مصافي الدول المتطورة يبقى الأمل قائمًا في رؤية لبنان مختلفًا، لبنان الذي نحلم به: علماني، مزدهر ومسالم.
لبنان العلماني: دولة للجميع
إن العلمانية ليست نقيضًا للدين، بل هي ضمانة للحرية الدينية والعدالة الاجتماعية. لا تبحثوا عن الله بعيدا فهو موجود في داخلنا، في الطبيعة، في انسانيتنا، بإمكاننا ان نعبد الله في كل لحظة إذا كنا من داخلنا في الصورة الذي أرادها الله لنا. الحلم بلبنان علماني يعني أن يكون الدين شأناً فرديًا، بينما تكون الدولة محايدة تجاه جميع الأديان والطوائف، لا تميز بين مواطنيها على أساس طائفي أو مذهبي. في لبنان العلماني، يتم اختيار المسؤولين بناءً على الكفاءة لا الانتماء الطائفي، ويصبح القانون هو المرجعية الوحيدة، وليس التوازنات الطائفية التي غالبًا ما تكون سببًا في الجمود السياسي.
لبنان المزدهر: اقتصاد منتج لا ريعي
بناء اقتصاد قوي ومستدام حيث وجب تُشجيع القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة، الزراعة، والتكنولوجيا، و الأولوية للتعليم والبحث العلمي. تُستثمر الموارد الطبيعية بشكل متوازن وشفاف
لبنان المسالم: وطن الاستقرار لا ساحة صراعات
كم من الحروب والنزاعات شهدها لبنان بسبب تدخلات خارجية أو خلافات داخلية؟ الحلم بلبنان المسالم يعني أن يكون هذا البلد محايدًا، لا يتدخل في نزاعات الآخرين ولا يسمح لأحد أن يستخدمه ساحة لتصفية حساباته. الجيش وحده يكون حامي الوطن، والعلاقات الخارجية تُبنى على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وليس التبعية لهذا المحور أو ذاك.
كيف نصل إلى هذا الحلم؟
تحقيق هذا الحلم ليس مستحيلًا، لكنه يحتاج إلى وعي شعبي وإرادة سياسية حقيقية. يحتاج إلى جيل جديد من الشباب المؤمنين بالتغيير، إلى قوانين إصلاحية تُطبق بجدية، وإلى ثقافة سياسية جديدة تتجاوز الطائفية والمحسوبيات. التغيير يبدأ من التعليم، من الإعلام، من الخطاب اليومي الذي يجب أن يكون قائمًا على المواطنة لا على الطائفة، على الحقوق والواجبات لا على الامتيازات والمحسوبيات.
لبنان الذي نحلم به ليس يوتوبيا بعيدة المنال، بل هو ممكن إذا توفرت الإرادة.